في خطوة نوعية تؤكد المكانة المتقدمة التي وصلت إليها صناعة الدفاع الوطنية في دولة الإمارات، شهد سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في 20 مايو 2024، مراسم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين مجموعة «إيدج» الرائدة عالمياً في مجال الدفاع والتكنولوجيا المتقدمة، والشركة الإيطالية «فينكانتييري»، أكبر شركات أوروبا في مجال تصنيع السفن، لإطلاق «ميسترال»، المشروع المشترك لبناء السفن بين الشركتين في أبوظبي، مع التركيز على تصنيع مجموعة واسعة من السفن البحرية المتطورة، وهي شراكة تقدم دليلاً مهماً على الثقة العالمية في قدرات دولة الإمارات في هذا المجال الحيوي.
وأكد سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، بهذه المناسبة، أن الشراكة الجديدة تعكس المستوى المتقدم للصناعة الوطنية، وكفاءة الكوادر الوطنية التي تتمتع بالقدرة على مواكبة التوجهات العالمية، واستخدام الحلول المبتكرة لبناء قدرات تنافسية عالية، مشيراً سموه إلى أن تلك الشراكة تمثل نموذجاً للتعاون الدولي الفاعل في قطاع صناعة الدفاع، وتحقيق متطلباته بأعلى معايير الجودة والتميّز.
وتعد «فينكانتييري»، المعروفة بريادتها العالمية في تصميم وبناء السفن الحربية والمدنية، واحدة من بين أكبر شركات بناء السفن في العالم، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 230 عاماً، وقامت ببناء أكثر من 7000 سفينة، ولها عملاء في العديد من دول العالم ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بما في ذلك خفر السواحل والبحرية الأميركية، فضلاً عن أنها تتميز بخبرتها الواسعة في تقديم الحلول المبتكرة والتكنولوجيا المتقدمة التي تلبي أعلى معايير الأداء والأمان، ما يجعل منها شريكاً استراتيجياً مثاليّاً لدولة الإمارات في مثل هذه المشروعات الضخمة.
ومما يشير إلى أهمية الشراكة التي أتت امتداداً للاتفاقية التي جرى الإعلان عنها لأول مرة في فبراير الماضي، أنها ستعزز من قدرات «إيدج» بصورة كبيرة في تنويع محفظة حلولها البحرية، من خلال الاستفادة من فرص تصميم وتصنيع الفرقاطات والسفن الحربية المتقدمة، هذا إلى جانب طموح الطرفين من خلال هذا المشروع إلى تطوير الغواصات متوسطة الحجم. وتمتلك مجموعة «إيدج» حصة الأغلبية في المشروع بنسبة 51%، مع حقوق لتلبية احتياجات العملاء من خارج حلف «الناتو» ومن دول أعضاء مختارة بالحلف، بطلبيات تجارية تصل قيمتها إلى نحو 30 مليار يورو، وهو الأمر الذي يعكس الثقة الكبيرة في القدرات الصناعية والتكنولوجية للشركات الإماراتية ودورها المحوري في تلبية الاحتياجات الدفاعية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وفي دلالة على القدرات المتميزة للصناعة الدفاعية لدولة الإمارات، أعقب توقيع الاتفاقية مباشرة الإعلان عن طلبية كبيرة من قوات خفر السواحل الإماراتية لشراء 10 سفن دوريات بحرية متقدمة بطول 51 متراً، وبقيمة 400 مليون يورو. وتتميز هذه السفن من طراز «P51MR» بثباتها في ظروف البحر القاسية، هذا إلى جانب انخفاض قدرة اكتشافها بالرادار ومرونتها التشغيلية العالية، وكلها أمور تؤكد التطور النوعي الذي تشهده الصناعات الدفاعية الإماراتية، وقدرات تصميم وتصنيع المنتجات العسكرية المتقدمة التي تلبي أعلى المعايير العالمية.
إن هذه الشراكة تبرز ما وصلت إليه الصناعة الوطنية الإماراتية من قدرات نوعية، وتناميها المتسارع الذي يضارع صناعات الدول المتقدمة في أحد أهم المجالات، وهو صناعة السفن الحربية المتطورة. كما تعكس هذه الشراكة النهج الاستراتيجي الذي تتبناه القيادة الرشيدة في دعم القطاعات الحيوية وصناعات الدفاع، لتكون مثل هذه المشروعات من أبرز محركات عملية التنمية المستدامة التي تشهدها دولة الإمارات، ورؤيتها بشأن تمكين الصناعة الوطنية وتعزيز تنافسيتها على الساحة الدولية، وترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية