الفنان بيتريت هاليلاج وقد وقف وسط تركيبته الفنية الجديدة غير المألوفة «أبتاري» فوق أحد سطوح متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، وهي تركيبة من شأنها، في نظر النقاد الفنيين، أن تكرس مكانتَه كواحد من المواهب العظيمة في جيله الشاب. عندما تلقّى الفنان الكوسوفي بيتريت هاليلاج دعوةً لعرض أكبر مشروعاته على الإطلاق في الولايات المتحدة، كان يعرف إلى أين يذهب تحديداً، إذ قرر العودة مباشرة إلى المدرسة لإنشاء تركيبته الجديدة. فمن أجل «أبتاري»، تركيبته النحتية الذكية والمبهجة للغاية، سافر هاليلاج (38 عاماً) إلى المدارس الابتدائية في جميع أنحاء جنوب شرق أوروبا، بغية توثيق الرسومات المبتكرة التي تركتها هناك أجيال من أطفال المدارس على جدران الفصول والسبورات والكتب والمكاتب والمذكرات المدرسية. وقد شكلت رسومات هؤلاء الأطفال من داخل مدارسهم في منطقة البلقان قوالبَ للمنحوتات البرونزية والفولاذية المفعمة بالحيوية، والتي أحياناً ما تكون غامضة، والتي تزين الآن أفق نيويورك على شكل منحوتات فنية كبيرة تأخذ مكانها فوق سطح متحف متروبوليتان للفنون. ويشير عنوان التركيبة الفنية «أبتاري» إلى أبجدية اللغة الألبانية التي تعلّم هاليلاج حروفَها في طفولته المبكّرة.
وولد هاليلاج عام 1986 في قرية كوستيرك الكوسوفية الصغيرة، وقد حدثت خلال أيام دراسته أقسى معارك القتال في جنوب شرق أوروبا، وتعرّض منزل عائلته للتدمير خلال حرب كوسوفو عام 1999، والتي كانت من أقسى الحروب العرقية التي دامت عقداً من الزمن في البلقان. وبسبب الحرب هربت الأسرة إلى ألبانيا، حيث وجد الطفل هاليلاج تشجيعاً على الرسم من قبل الأطباء النفسيين في مخيم اللاجئين هناك، وتحدث مراسلو الحرب في ذلك الوقت عن طفل معجزة يرسم بكلتا يديه أكثرَ الرسوم دقةً.
ويعيش هاليلاج الآن في برلين، لكنه ما يزال منخرطاً بعمق في حياة الحركة الفنية داخل كوسوفو التي حصلت على استقلالها في عام 2008 لتصبح أحدث دولة في أوروبا، وهو أحد وجوه جيل جديد مثير ومبدع من الفنانين الكوسوفيين تدور اهتماماته حول مسائل السلام والأسرة والطفولة.. بالاستناد إلى سجل كثيف من الرموز، لاسيما الطيور التي تظهر أجنحتُها ومخالبُها في معظم الآثار القديمة للبلقان، ولجيل الفنانين الكوسوفيين الجدد. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)