سألتني طالبة تدرس الإعلام وعلوم الاتصال، وتُعد بحثاً في تخصصها، عن تحديات الإعلام الإماراتي؛ فجاء في إجابتي لها أن جانباً كبيراً من هذه التحديات يتصل مباشرة بديناميكية دولة الإمارات العربية المتحدة، ونظرتها إلى جميع شؤون الحياة، فضلاً عن حاجات المجتمع الإماراتي وطموحاته؛ ذلك أن طبيعة الاستقرار السياسي الذي تنعم به الدولة، ورفاهية شعبها، تنعكسان على المنظومة الإعلامية.
وإلى جانب عدد من القضايا الأخرى الخاصة بالإعلام نفسه، وفي ظل التطور التكنولوجي والتراجع الكبير في دور الإعلام التقليدي، تواجه الأجهزة الإعلامية في دولة الإمارات تحديات متعددة تحدد مسارها ورسالتها المتعلقة ببناء المفاهيم في شكلها الصحيح.
فوسائل الإعلام الإماراتية -على تنوعها- هي دائماً في نشاط لا يتوقف لخلق الشروط الملائمة التي تساعد المجتمع على التكيُّف مع حركة التغيير الاجتماعي والاقتصادي المواكِبة للنهضة التي حققتها دولة الإمارات بوتيرة عالية وسريعة، وتشجيع أبناء الوطن على بذل كل الطاقات الممكنة لتحقيق المزيد من المكتسبات والإنجازات على أكثر من صعيد.
وتضمَّنت إجابتي عن سؤال تلك الطالبة أيضاً أن الإعلام الإماراتي يتصف بالتزامه مبادئ عدَّة تحكم أداءه من ناحية مبدئية، يأتي في مقدمتها ترسيخ دعائم دولة الاتحاد، وإبراز الجهود في مجالات التنمية الشاملة، ومؤازرة عملية البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة الحديثة؛ وأشرت فيها كذلك إلى أهمية اتباع منهج التفاعل مع الأحداث، والتعامل معها بموضوعية، ومن دون تحيز، والتركيز على ما يجمع، وعلى المصير المشترك، وعلى النظرة المستقبلية البعيدة المدى.
ويقف الإعلام في دولة الإمارات -شأنه شأن الكيانات الحيوية الأخرى- أمام تحديات مرتبطة بالتحولات الكبيرة التي حدثت للمجتمع والدولة، وتغير نمط الحياة تبعًا لذلك؛ فمظاهر الحداثة في المجتمع تتقاطع مع الرغبة في الحفاظ على الخصوصية، كما تتقاطع عالميَّة دولة الإمارات مع الرغبة في حماية ثقافة المجتمع المحلي، والحفاظ على القيم الموروثة من الآباء، وتقاليدهم وعاداتهم الأصيلة.
ويعني هذا أن دور الإعلام الإماراتي يبرز واضحاً في مجموعة التحديات المرتبطة بتدعيم ركائز الهوية الوطنية وتعزيزها، وترسيخ الانتماء إلى الوطن، وإرساء روح المسؤولية الاجتماعية لدى جميع أفراده، وحماية ونشر القيم الموروثة، والثقافة الإماراتية في المجتمع، وتمتين الترابط بين أفراده وتكاتفهم والتفافهم حول مجموعة المفاهيم المرتبطة بالهوية الوطنية في مناهج التربية الوطنية، والمناهج الجامعية، وأدوات توجيه الشباب.
وختمتُ حديثي إلى تلك الطالبة قائلاً إن التزام الإعلام الإماراتي -بنوعيه القديم والجديد- الحفاظَ على الهوية الوطنية والدفاع عنها لا يشغله عن التزامات أخرى لا تقل أهمية وخطورة، تتمثل في توجيه خطابه أو جانب منه إلى مجموعة الهويات التي تعكسها عشرات الثقافات التي يمثلها المقيمون في دولة الإمارات؛ ذلك أن هؤلاء أيضاً معنيون بمعرفة ما يجري حولهم، وما يجب عليهم من واجبات تفرضها دولة الإمارات وقوانينها، فضلاً عن ضرورة تعريفهم على الدوام بأوجه الثقافة المحلية، وأعراف المجتمع الإماراتي. وكما يدعم الإعلام وحدة الدولة الإماراتية وكيانها الاتحادي؛ فإنه يعبّر أيضاً عن التنوع في دولة الإمارات بصفته ظاهرة إيجابية.
*الرئيس التنفيذي لدائرة التسويق والاتصال، شبكة أبوظبي للإعلام