فيما يعكس استمرار المشاركة الفاعلة لدولة الإمارات في الجهود الدولية لرسم مستقبل أفضل لنظام الطاقة العالمي، وإسهاماتها المتواصلة في إيجاد حلول مستدامة لمشكلات الطاقة، والتحول نحو الطاقة المتجددة، شاركت الإمارات في النسخة الـ26 لمؤتمر «مجلس الطاقة العالمي»، التي استضافتها مدينة روتردام الهولندية، والتي اختتمت أعمالها يوم 25 إبريل 2024. وقد شارك في المؤتمر أكثر من 7 آلاف من المعنيين بقطاع الطاقة العالمي، إلى جانب 200 متحدث من كبار المسؤولين وأكثر من 70 وزيراً.
ناقش المؤتمر موضوعات عدة أبرزها إعادة تصميم الطاقة، واستكشاف اتساع وعمق قطاع الطاقة سريع التطور، بدءاً من التقنيات المتغيرة ومسألة التمويل إلى تأثير الجغرافيا السياسية، وأدوات تسريع تحول الطاقة، والاحتياجات المتغيرة لمستخدميها. وعلى هامش المؤتمر، جرى تكريم اللجنة الوطنية للمجلس العالمي للطاقة لدى دولة الإمارات لفوزها بجائزة مجتمعات المجلس عن فئة الجهة التي تقود التأثير والتوسع على مستوى العالم، تقديراً لجهودها الاستثنائية وتأثيرها الإيجابي في مشهد الطاقة.
وعلى الرغم من أن معظم الخطط المناخية التي أقرتها دول العالم تحدد هدف الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050، فإن تلك الخطط الطموحة تواجه العديدَ من التحديات التي تتعلق بفجوة الاستثمار في البنية التحتية لشبكة نقل الطاقة المتجددة وتوزيعها، حيث بلغت الاستثمارات العالمية في توسيع هذه الشبكة وتعزيزها على مدى العقد الماضي، متوسطاً بلغ نحو 300 مليار دولار سنوياً، غير أن تقديرات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى وجوب ارتفاع تلك الاستثمارات السنوية إلى متوسط يتراوح بين 560 و780 مليار دولار حتى ثلاثينيات القرن الحالي.
كذلك تشمل تلك التحديات القدرة المستدامة على التخزين، وتنفيذ سيناريوهات التحول إلى الطاقة المتجددة. وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى استمرار نصيب الطلب على الوقود التقليدي ليمثل نحو 60% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2050، بالإضافة إلى تحدي رفع كفاءة استخدام الطاقة بتغييرات تتضمن المنظومات التقنية وتغيير السلوك الاستهلاكي للطاقة من قبل الأفراد والمؤسسات.
وقد ناقشت محاور المؤتمر بشكل تفصيلي كيفية مواجهة تلك التحديات، من خلال جلسات تضمنت بناء نماذج الأعمال التي تتضمن إزالة الكربون، وتمويل التحول الطاقي، والخطوات الواضحة لإعادة التركيز على الطاقة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، واستخدامات الذكاء الاصطناعي من الانتقال إلى التحول التام للطاقة، وقدرات التعاون لإدارة وفرة الطاقة المتجددة في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، وقيادة حوكمة الطاقة العالمية، والمعرفة العالمية بالطاقة بحلول عام 2030.
والجدير بالذكر أن مشاركة دولة الإمارات في مؤتمر مجلس الطاقة العالمي لهذا العام تأتي استكمالاً لجهودها في هذا المجال، حيث نظمت الإمارات فعاليات مشابهة، من أهمها مؤتمر الأطراف «كوب28»، والقمة العالمية لطاقة المستقبل، والقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، ومعرض تكنولوجيا المياه والطاقة والبيئة «ويتيكس»، ومؤتمر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للطاقة الشمسية.
ويجب الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجهود الواضحة لدولة الإمارات في المشاركة وتنظيم الفعاليات ووضع الخطط المتعلقة بطاقة المستقبل تعبر عن استراتيجياتها ذات الصلة، ومنها إطلاق الاستراتيجية الوطنية للابتكار في عام 2014، والتي تعد الطاقة المتجددة من ضمن أهم القطاعات التي تركز عليها.
إن جهود دولة الإمارات محلياً وإقليمياً وعالمياً فيما يتعلق بحلول الطاقة مستقبلاً تنطلق من رؤية استراتيجية تعتبر أن مصادر الوقود الأحفوري مصادر ناضبة ولا يمكن مواصلة الاعتماد عليها، وهو ما رسخته استراتيجيات التنويع الاقتصادي والإحلال التدريجي لمصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة بالإمارات.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية