لا تزال صادرات المملكة المتحدة أقل مما كانت عليه قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، فيما أصبح الاقتصاد أكثر اعتماداً على بيع الخدمات لبقية العالم، وفقاً للبيانات الرسمية.
تراجعت صادرات السلع بنحو 15% عن الأرقام القياسية المسجلة في عام 2018، وفقاً للأرقام الصادرة يوم الاثنين الماضي عن مكتب الإحصاءات الوطنية. وهذا على النقيض من صادرات الخدمات التي استمرت في الارتفاع بعد أن تجاوزت أعلى مستوياتها ما قبل الوباء.
وتشير الأرقام إلى أن المملكة المتحدة تكافح من أجل سد الفجوة التي خلفها تراجع الطلب في الاتحاد الأوروبي على سلعها وخدماتها بعد بريكست. فقد تدهور الميزان التجاري في المملكة المتحدة منذ عام 2010، حيث أثر انخفاض تجارة الاتحاد الأوروبي على التقدم المحرز لتعزيز الأعمال التجارية مع بقية العالم.
وقالت «تيرا ألاس»، مديرة الأبحاث والاقتصاد بشركة ماكينزي في المملكة المتحدة: «كان من الواضح قبل بريكست أنه على الرغم من إمكانية تحقيق نمو من أسواق التصدير خارج الاتحاد الأوروبي، إلا أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري منفرد للمملكة المتحدة». وأضافت: «حتى لو حققت أسواق أخرى خارج الاتحاد الأوروبي نمواً، بالقيمة المطلقة، فسيكون من الصعب تعويض أي خسارة تجارية مع الاتحاد الأوروبي».
يشير تحليل مكتب الإحصاءات الوطني إلى أن المملكة المتحدة تمكنت من الاستفادة من أسواق مختلفة بعد بريكست. إذ نمت صادرات السلع إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي بشكل أسرع من تلك إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 2010. وفي الوقت نفسه، حصلت المملكة المتحدة على السلع من الاتحاد الأوروبي بوتيرة أسرع من بقية العالم، مما أدى إلى اتساع عجزها مع الكتلة الأوروبية.
وتتطلع المملكة المتحدة إلى الصادرات كوسيلة لانتشال اقتصادها من فترة النمو الضعيف. وقد أجاب كبير مفاوضي بريكست السابق «ديفيد فروست» على أسئلة حول تأثير بريكست على التجارة في المملكة المتحدة، وفشل المملكة المتحدة في تحقيق هدفها فيما يتعلق بالاتفاقيات التجارية وإمكانية إقامة روابط تجارية أوثق مع الاتحاد الأوروبي، وذلك عند الإدلاء بشهادته أمام لجنة الأعمال والتجارة يوم 23 أبريل.
أصبحت المملكة المتحدة أكثر اعتماداً على صادرات الخدمات. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية، إنه في حين استقرت صادرات السلع في السنوات الأخيرة، زادت صادرات الخدمات بأكثر من 63% منذ عام 2010.
يعد التحول إلى الخدمات اتجاهاً عالمياً. وقد شهدت تجارة الخدمات نمواً أسرع بنحو مرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بنمو تجارة السلع خلال العقدين الأخيرين، في حين شهدت تجارة السلع ركوداً، وفقاً لمعهد أبحاث ماكينزي.
إن بيع المزيد من الخدمات في الخارج يمكن أن يحقق فوائد في الداخل أيضاً. وقالت «ألاس» إن تجارة الخدمات «لا تتركز في لندن أو الجنوب الشرقي كما قد يتصور المرء في البداية، لذلك يمكن أن توفر أيضاً مصدراً متنوعاً إلى حد ما للنمو الاقتصادي ونمو الصادرات».
ويتماشى هذا مع طموحات رئيس الوزراء البريطاني «ريشي سوناك» بأن تصبح المملكة المتحدة «اقتصاداً معرفياً»، تقوده صناعات الخدمات عالية القيمة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
وعززت المملكة المتحدة صادراتها من الخدمات إلى كل من دول الاتحاد الأوروبي والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بنحو 40% بين عامي 2010 و2018. ومع ذلك، يبدو أن الطلب في الاتحاد الأوروبي أكثر عرضة للصدمات، حيث شهدت صادرات الاتحاد الأوروبي انخفاضاً كبيراً خلال الوباء.
وقالت ألاس: «علينا أن نتبوأ وضعنا كقوة عظمى في مجال الخدمات» وأن نعتمد عليه حقاً، مع الاستمرار بالطبع في دعم التصنيع ذي المستوى العالمي».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسشنج آند سينديكيشن»