الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تعرضت لها دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً أثارت موجة من حالات التنمر عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذه الحوادث تُظهر أن «كل ذي نعمة محسود»، وتوضح التحديات التي تواجه دولة متقدمة مثل الإمارات في منطقة محاطة بالصراعات والاضطرابات.
فبالرغم من كفاءة وفاعلية الفرق الإماراتية في التعامل مع الظروف المناخية – التي شهدت هطول أمطار غزيرة لم تشهدها البلاد منذ عام 1949، بالإضافة إلى كميات هائلة من الأمطار في فترة قصيرة، تفوق ما تشهده العواصم الغربية مثل لندن في شهر واحد، وهذا يُعتبر حالة استثنائية في دولة صحراوية قليلة الأمطار – إلا أن الإمارات واجهت تحديات أخرى من خلال انتشار ظاهرة التنمر الإلكتروني. لذا، يجب اتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة من خلال التصدي للتنمر على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت، وضمان احترام البروتوكولات والأخلاقيات في أوقات الأزمات للحد من انتشار الشائعات والتعليقات السلبية.تنتشر ظاهرة التنمر الإلكتروني بسرعة متزايدة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مسببة قلقاً عالمياً. فالهواتف الذكية وتطبيقات المراسلة يسهلان عمل المتنمرين، ما يزيد من تأثير رسائلهم السلبية. ولمكافحة التنمر الإلكتروني بشكل عام، وفي دولة الإمارات على وجه الخصوص، يتطلب الأمر اتخاذ تدابير استباقية وتنفيذ استراتيجيات لمعالجة هذا التحدي المتزايد.
وهناك عدة خطوات ينبغي اتباعها ومنها: تعزيز القوانين واللوائح، وضمن هذا الإطار لدى دولة الإمارات العربية المتحدة قوانين معمول بها لمكافحة التنمر الإلكتروني، مثل القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة الجرائم الإلكترونية.
ويمكن أن يكون التطبيق الصارم لهذه القوانين وزيادة الوعي حول عواقب التسلط عبر الإنترنت عاملاً رئيسياً في ردع المخالفين. بالإمكان أيضاً تفعيل الشراكات مع منصات التواصل الاجتماعي لمراقبة وإزالة المحتوى غير المناسب، وتنظيم حملات توعية عامة لتثقيف المواطنين حول أهمية مكافحة الإشاعات وضرورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مسؤول. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تفعيل عمل «هيئة تنظيم الاتصالات»، المسؤولة عن تنظيم قطاع الاتصالات، بما في ذلك الإنترنت وخدمات التواصل الاجتماعي، لتمتلك السلطة لحظر أو تصفية المواقع والمنصات التي تنتهك القوانين والتشريعات في البلاد.
تعزيز إجراءات الإبلاغ يُعتبر أمراً ضرورياً أيضاً، حيث يمكن لتوعية الأفراد بإجراءات الإبلاغ وتشجيعهم على الإبلاغ عن حالات التنمر عبر الإنترنت إلى السلطات في معالجة المشكلة على الفور. وبالمثل، يُعتبر تعزيز المواطنة الرقمية أمراً بالغ الأهمية، حيث تقوم جهات مختصة بتدريب الصحفيين المواطنين، الذين يسعون لتعزيز التفاعلات الإيجابية عبر الإنترنت، وتقليل حالات التنمر الإلكتروني من خلال تقديم معلومات موثقة لمكافحة الإشاعات. ومن خلال تنفيذ هذه الخطوات والعمل على خلق بيئة رقمية آمنة وشاملة، يمكن مكافحة التنمر الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي بشكل فعال في دولة الإمارات، سواء في أعقاب الأزمة المناخية الأخيرة أو أثناء أي أزمة.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي