في «يوم زايد الإنساني» لا بد لنا أن نستذكر مواقف الإمارات الإنسانية المستمرة، منذ عهد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أسس لنهج متفرد في العمل الخيري والإنساني. فمنذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة كان نهج العطاء جزءاً لا يتجزأ من سياسة البلاد، في مساعدة الدول الشقيقة والصديقة، وحتى تلك البعيدة التي عانت كوارث وأزمات، فكان لها نصيب من خير الإمارات. ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا النهج نهجاً متوارثاً، ليتوسع وتنمو داخل الدولة عشراتُ المؤسسات الإنسانية التي تضخ الخير بهدف مساندة المحتاج أينما كان.
إن نهج الإمارات الخيري هو نهج زايد الذي قال: «إن التعاون بين البشر يؤدي إلى التراحم الذي حث عليه الله سبحانه تعالى، فالإنسان يجب أن يكون رحيماً على أخيه الإنسان وعلى الحيوان والنبات والشجر والحجر». هذه الفلسفة رسّخت مكانةَ دولة الإمارات في مجال العمل الخيري، لتنطلق سلسلةٌ من المبادرات والمشاريع الإنسانية في كافة أصقاع الدنيا، وليصبح يوم التاسع عشر من رمضان من كل عام «يوم زايد للعمل الإنساني»، وهو الموافق لذكرى وفاته، طيب الله ثراه، إذ عُرف الوالد المؤسس كرمز للعمل الإنساني، حيث تشهد بذلك الدول العربية جمعاء وباقي دول العالم الأخرى.
فمشاريع الخير في أفغانستان وباكستان ومشاريع الخير في أفريقيا.. كلها تشهد على نهج خيري إنساني مستدام، بالإضافة للدول التي تعرضت لأزمات أو كوارث طبيعية، حيث كانت الإمارات في المقدمة لضخ الخير ومساندة البشر، ناهيك عن الدول الشقيقة التي كانت الإمارات ولا تزال في مقدمة المانحين لها، في نهج دائم لا يتوقف. الملاحظ في نهج الإمارات الإنساني أنه قائم على استراتيجية تنمو وتتطور باستمرار، حيث هناك مؤسسات إماراتية حكومية وجمعيات ومؤسسات أهلية، كلها تعمل تحت مظلة واحدة، وتضخ الخير في اتجاهات مختلفة، تُعنى كلُّها بتقديم العون وبإقامة مشاريع إنسانية مستدامة، وبإتاحة الخدمات الإنسانية في بلدان تحتاجها. وهنا نتحدث عن بناء الطرق والجسور وحفر الآبار وشق ينابيع الماء وتأسيس المستشفيات والمراكز التعليمية في مختلف البلدان.
وهذا إلى جانب نهج المساعدات الطارئة للدول التي تعرضت لكوارث، حيث تأتي الإماراتُ دائماً في مقدمة الدول التي تضخ الخير وتنتشل شعوب الدول المتأزمة، وهذا النهج لاحظناه جلياً بُعَيد كل الكوارث الطبيعية، كالزلازل والأعاصير والفيضانات، وفي الكوارث البشرية مثل الحروب والصراعات. وهنا نتذكر زلزالَ سوريا وتركيا، وأزمات دول مثل السودان واليمن، ونتذكر يد الإمارات الإنسانية هناك.. وبكل تأكيد في فلسطين أيضاً كما رأينا حيال غزة مؤخراً.
فقد أطلقت الإمارات مبادرة «الفارس الشهم 3»، وهي عمليات إغاثة أطلقت جسراً جوياً من المساعدات لأهالي غزة، إضافة للمساعدات المالية، حيث حلقت أكثر من 170 طائرة مساعدات وما يقرب من 500 شاحنة وسفينتين ومشفى عائم لدعم عمل المشافي الميدانية في القطاع، ومحطات تحلية مياه ومخابز أوتوماتيكية.. وكل ذلك لنجدة المدنيين في القطاع ومؤازرتهم في محنتهم. وهذا الدعم الذي ينهال على غزة براً وبحراً وجواً مستمر ولا يزال يحاول التخفيف من معاناة أهلها. وضمن نهج الإمارات الإنساني تجاه قطاع غزة تبرز مبادرة «طيور الخير»، وهي عملية تجري بالتنسيق مع مصر، بغية إنزال المساعدات الإنسانية جواً على القطاع، وقد نُفذت هذه العمليات بنجاح، حيث تم إطلاق 17 من عمليات «طيور الخير»، لتستمر في إسقاط مئات أطنان المساعدات في المناطق التي يتعذر الوصول لها، وهي جزء من مبادرة «الفارس الشهم 3» لتخفيف معاناة أهل غزة، وهذا من صميم نهج الإمارات الإنساني الثابت، وإرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
*كاتب إماراتي