تواصل دولة الإمارات جهودها الرامية إلى تعزيز نموذجها الرائد في مجال مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، من منطلقات إنسانية ومورث أصيل يحترم الكرامة البشرية ويوليها أولوية قصوى. وفي هذا السياق، نظمت جمعية الإمارات لحقوق الإنسان مؤخراً، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ووزارة الداخلية وعدد من المؤسسات الوطنية المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر وتوفير الرعاية والعناية بالضحايا في الدولة، فعالية «متحدون من أجل الإنسانية والكرامة» التي أكدت خلالها الشيخة نجلاء القاسمي، رئيسة الجمعية، الالتزام بمحاربة جريمة الاتجار بالبشر، والحرص على إبراز جهود الدولة المعنية بمحاربتها، وتعزيز معرفة المجتمع بها، وبالدور الكبير الذي تلعبه الجمعيات الأهلية في القضاء على هذه الجريمة وتوفير الحماية والرعاية للضحايا الذين يقعون ضحية الاستغلال الجنسي أو الاستغلال بقصد التسول والسخرة، وغير ذلك من الانتهاكات.
كما تخلل الفعالية تعريفٌ بالبرامج والمشاريع والمبادرات التي تقوم بها الدولة للقضاء على هذه الجريمة بشكل كامل، من خلال العمل الدؤوب الذي تقوم به اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يتضمن توفير برامج وطنية مهنية خاصة بمكافحة هذه الجرائم، وتدريب وتأهيل جهات إنفاذ القانون والعاملين على مكافحتها، بالإضافة إلى برامج للتوعية أطلقتها اللجنة للتعريف بهذه الجريمة ومخاطرها وسبل الإبلاغ عنها ونشر الثقافة المجتمعية حولها.
تأتي هذه الجهود الحالية امتدادًا لمبادرات وحملات بدأت في مرحلة مبكرة في دولة الإمارات، فقد بادرت منذ الثمانينيات إلى إعداد أول قانون خاص بمكافحة هذه الجريمة على المستوى العربي، من خلال المادة 346 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لعام 1983 التي تنص على تحريم هذا النوع من الأفعال. وكان من أولى المحطات المهمة والمبكرة أيضاً إطلاق الدولة عام 2006 حملتها الوطنية ضدّ هذه الجريمة، رافقتها جملة من القوانين والإجراءات شملت إصدار القانون الاتحادي رقم (51) لعام 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتّجار بالبشر وتعديلاته التي صدرت عامي 2013 و2015، إضافة إلى الانضمام لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظَّمة عبر الوطنية، والإجراءات المكمِّلة لها الخاصة بحظْر وقمْع ومعاقبة الاتّجار بالأشخاص وخصوصاً النساء والأطفال، وإنشاء لجنة وطنية تعمل على تنسيق الجهود على المستويين الوطني والدولي، وتأسيس منظومة وطنية متكاملة لرعاية الضحايا، وصولاً إلى تنفيذ عدد من مبادرات التوعية للأشخاص الأكثر عرضة للاتِّجار بالبشر.
وجاء إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر عام 2007 بهدف تنسيق الجهود الرامية إلى ضمان التطبيق الفعال للقانون الاتحادي رقم 51 لعام 2006، حيث تضم اللجنة ممثلين من مختلف المؤسسات الاتحادية والمحلية، وقد نفذت اللجنة استراتيجية من خمس نقاط لمكافحة خطر الاتجار، تشمل الوقاية والملاحقة القضائية والعقاب والحماية وتعزيز التعاون الدولي. كما أصبحت الإمارات تمتلك حالياً شبكة من الملاجئ لحماية ضحايا الاتجار بالبشر وإعادة تأهيلهم، ناهيك عن تخصيص خط ساخن للإبلاغ عن حالات الاتجار بالبشر وتمكين الضحايا من طلب الحماية من خلاله.
وتؤكد الأرقام حدوث انخفاض كبير في أعداد القضايا المسجلة في مجال الاتجار بالبشر، فعلى سبيل المثال تظهر الإحصائيات أن قضايا الاتجار بالبشر انخفضت من 58 قضية عام 2010 إلى 20 قضية عام 2021، ما يدل على وجود مؤشرات إيجابية حول نجاح دولة الإمارات في خفض معدلات هذه الجرائم.
إن الجهود المتواصلة التي تبذلها دولة الإمارات في سبيل القضاء على جريمة الاتجار بالبشر بأشكالها كافة، تؤكدها الخطوات الجادة والثابتة التي تتخذها الدولة، ضمن منظومة وطنية ديناميكية متطورة، لمكافحة هذه الجريمة العابرة للحدود.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية