مقابلة «كارلسون»: البحث عن الحقيقة أم تحديات حزبية؟
المقابلة، التي أجراها «تاكر كارلسون»، مذيع قناة «فوكس نيوز» السابق، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثارت الكثير من الجدل وتسببت في ظهور تباين في الآراء. «كارلسون» بعدما كان مذيعاً أصبح مدوناً صوتياً، ومقابلته في موسكو الأسبوع الماضي، وتحديداً في 6 فبراير، أثارت سجالاً جعل البعض يصفها بأنها «مقابلة القرن»، حيث اعتبرت وسائل الإعلام الليبرالية/اليسارية الغربية الرئيسية كارلسون مدافعاً عن نظام معادٍ للولايات المتحدة ومتناقض مع القيم الغربية، بينما رأى آخرون في وسائل الإعلام الغربية المحافظة أنه يقوم بواجباته الصحفية، وقد أشاروا إلى أنه من الضروري للناس، وخاصةً أولئك الذين تأثروا من الحرب مادياً والذين فقدوا الضحايا، أن يكونوا على دراية بالحقائق وأن يستمعوا إلى آراء الطرفين المشاركين في النزاع.
فهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) نقلت عبارة من السيد كارلسون قال فيها: «هل وصفني بوتين بالعنصري من قبل؟ هل هددني بالفصل من العمل بسبب اختلافي معه (مشيراً إلى وسائل الإعلام الرئيسية الأميركية)؟ هذه أسئلة عادلة، والإجابة عنها جميعاً هي: لا. فلاديمير بوتين لم يقم بأي من هذه الأفعال».
ورأى الكثيرون في وسائل الإعلام الرئيسية هذا كدليل واضح على إعجاب السيد كارلسون بالسيد بوتين. وأضاف كارلسون: «أولاً وقبل كل شيء، هو واجبنا. نحن في مجال الصحافة، ومهمتنا هي إعلام الناس بالأحداث. فبعد مرور عامين على الحرب التي قامت بتغيير وجه العالم بأسره، معظم الأميركيين غير ملمين بها.
فهم ليسوا على دراية حقيقية بما يجري في هذه المنطقة، هنا في روسيا، والتي تبعد 600 ميل عن أوكرانيا». وقد شدد السيد كارلسون على أنه ليس عميلاً للكرملين، كما يُطلق عليه من بعض الأفراد. وأوضح: «نحن هنا لسبب محدد، وليس لأننا نعشق فلاديمير بوتين. إننا هنا لأننا نحب الولايات المتحدة ونتمنى لها الازدهار والحرية. لقد دفعنا ثمن هذه الرحلة بأنفسنا». وأكد السيد كارلسون أن سبب إجراء المقابلة يعود إلى عدم وجود اهتمام جاد من وسائل الإعلام الرئيسية في التحقيق والبحث عن إجابات.
وأشار إلى أنهم مشغولون بترويج الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، واصفاً تركيزهم عليه بأنه «كأنهم يروّجون لعلامة تجارية استهلاكية جديدة».
لقد أجرت وسائل الإعلام الأميركية العديد من المقابلات مع الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، وصممتها بشكل استراتيجي لدعم دعوة زيلينسكي لزيادة مشاركة الولايات المتحدة في حرب أوروبا الشرقية، مع وقوع العبء المالي على عاتق الولايات المتحدة. في المقابل، لم يقم أي صحفي غربي بإجراء مقابلة مع فلاديمير بوتين، رئيس الدولة الأخرى في هذا الصراع.
وانتقد هذا النهج قائلاً: «هذه ليست صحافة. إنها دعاية حكومية، دعاية من أبشع الأنواع، من النوع الذي يقتل الناس». لهذه الأسباب يتواجد كارلسون في روسيا، ليطرح أسئلة صعبة على بوتين. بناءً على سجله، يمتلك القدرة على القيام بذلك بشكل فعّال، ومضامين المقابلة ستزيد المعرفة العالمية غداً بشكل أوسع مما هي عليه اليوم. وهذا هو جوهر الصحافة الجيدة.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي