في إطار الاهتمام المستمر من دولة الإمارات بالتركيز على تحقيق المزيد من التقدم التكنولوجي كأحد أهم أولويات بناء اقتصاد حديث متطور قادر على المنافسة في بيئة اقتصادية عالمية تتسم بالتطورات التكنولوجية المتسارعة، يتعزز دور «مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة» الذي يترأس مجلس إدارته سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وهو ما يعكس اهتمام قيادة الإمارات عالي المستوى بالتركيز على تطوير البحث العلمي والتكنولوجيا لتحقيق التقدم والازدهار من خلال تعزيز المعرفة والابتكار والبحث العلمي كركائز أساسية لعملية التنمية المستدامة.
ويهتم مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة بالتركيز على قطاعات ذات أولوية للاقتصاد الوطني، مثل الطيران، والفضاء، والنقل، والاستدامة البيئية، والأمن والسلامة.. إلخ، من خلال بناء وتطوير الكوادر المواطنة عبر مسارات مختلفة، منها إيفاد الطلاب إلى أكثر من 25 جامعة من جامعات التكنولوجيا الرائدة في العالم، وتيسير المساهمات العلمية بنشر 1114 دراسة، وتقديم 47 براءة اختراع، وإقامة أكثر من 110 شراكات عالمية في مجال البحث والتطوير.
كما يستهدف المجلسُ إطلاقَ سلسلة من المبادرات التنافسية القائمة على التكنولوجيا لتقديم حلول تكنولوجية في مجالات رئيسية مثل تكنولوجيا المياه والطاقة المتجددة والتشخيص والعلاجات والذكاء الاصطناعي وغيرها. والمجلس هو الجهة المسؤولة عن وضع استراتيجية البحث في إمارة أبوظبي ضمن القطاعات الأكاديمية والصناعية، كما يعد مسؤولاً عن دمج وتسهيل أنشطة الاستثمار والتمويل ووضع السياسات واللوائح للمساهمة في الوصول إلى عملية مرنة وفعالة في اتخاذ القرارات.
وكان لجهود دولة الإمارات في اعتماد البحث والابتكار، وتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات كمحركات رئيسة لاقتصاد متطور، أن حققت الدولة مراتب متقدمة في المؤشرات العالمية المتعلقة بالمعرفة، ومن أهمها مؤشر المعرفة العالمي (مؤشر سنوي يقيس أوضاع المعرفة في العالم من خلال مؤشرات قياس رئيسة وفرعية وثانوية في سبعة محاور: التعليم قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني، التعليم العالي، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، البحث والتطوير والابتكار، الاقتصاد، والبيئة التمكينية)، حيث جاءت الإمارات في المرتبة 26 ضمن 133 دولة في تقرير المعرفة العالمي لعام 2023، لتحتل المرتبة الأولى خليجياً (تليها قطر في المرتبة 39)، وعربياً (تليهما تونس في المرتبة 81).
وضمن المؤشر الرئيس، جاءت الإمارات في مراتب متقدمة عالمياً في بعض المؤشرات الفرعية المتعلقة بالتكنولوجيا، والبحث والتطوير، حيث كانت الأولى في مؤشر سرعة تحميل وتنزيل البيانات على الهاتف المحمول، وبتنافسية قطاعي الإنترنت والهاتف، وفي الاشتراكات بالإنترنت ذات النطاق العريض عبر الأجهزة المحمولة، وفي نسبة مستخدمي الإنترنت. كما حلت في المرتبة الثالثة في تمويل البحث والتطوير من شركات الأعمال، والمرتبة الرابعة في نمو الشركات المُبتكِرة.
وتأتي تلك النتائج لتؤكد نجاح النهج الإماراتي في بناء اقتصاد قوي متنوع ومستدام قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية في العديد من القضايا والمجالات، ومنها قضايا المناخ والبيئة والتنمية المستدامة، حيث بلغت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نحو 71.3%، ومساهمة القطاع النفطي نحو 28.7% في عام 2022. وعلى مستوى إمارة أبوظبي ارتفعت نسبة مساهمة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لتبلغ أعلى مستوى لها، خلال الفترة (2015- 2022) عند 52.8%، في الوقت الذي ارتفعت فيه إسهامات قطاعات واعدة كقطاع السياحة بالناتج الإماراتي إلى نحو 9% في عام 2022.
والجدير بالذكر أن تلك الجهود الإماراتية تتم ضِمْن مسارٍ محدد، طبقاً لخطط واستراتيجيات الدولة الهادفة إلى بناء اقتصاد متنوع يركز على القطاعات التي تعتمد على الابتكار والصناعات المتقدمة، وتنمية جيل من المخترعين والعلماء الإماراتيين، ودعم وتشجيع الشراكات الإماراتية عالمياً. ولا يقتصر دور المجلس على الصعيد المحلي، حيث خصص تمويلاً بقيمة 200 مليون دولار بهدف دعم وتسريع الابتكار، لا سيما في الدول الناشئة، وذلك من خلال تغطية التكاليف المترتبة على البحث وتخصيص الموارد، بما يسهل تطوير الحلول التكنولوجية المتطورة وتمكين الدول المستفيدة من مواكبة التطورات التكنولوجية.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية