صفقة حدودية.. أم فخ سياسي لـ«الديمقراطيين»؟!
على مدى الشهرين الماضيين، كانت مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس «الشيوخ» من كلا الحزبين تتفاوض على اتفاق لمعالجة الأزمة على حدودنا الجنوبية. إن المشرعين متحدون في رغبتهم في منع المهاجرين غير الشرعيين من دخول الولايات المتحدة، وهو هدف طموح استعصى على الإدارات السابقة تحقيقه. لكن من المرجح أن تؤدي السياسات قيد المناقشة إلى المزيد من الهجرة غير الشرعية إلى الحدود وتجعل تحديات الهجرة التي يواجهها الرئيس بايدن أسوأ. في ديسمبر الماضي، قام مسؤولو الحدود باستقبال نحو 300 ألف مهاجر، وهو أكبر عدد مسجل في شهر واحد.
على مدار العقد الماضي، فشل القادة «الجمهوريون» في الكونجرس في الجلوس إلى الطاولة للتفاوض بشأن سياسات الهجرة التي يدعمها الأميركيون، ومع ذلك فقد خلقوا تصوراً خاطئاً بأن سياسات عهد ترامب يمكن أن تحل أزمة الحدود، بيد أن سجل ترامب فيما يتعلق بالهجرة أثبت أن الأمر ليس بهذه البساطة.
وتظهر المفاوضات إلى أي مدى تحول النقاش حول الهجرة بعيداً عن الحلول التي كانت تميز في السابق جهود إصلاح الهجرة بين الحزبين، مثل مشروع قانون مجلس الشيوخ لعام 2013 الذي كان سيعطي الأولوية لأمن الحدود وطريقاً إلى الوضع القانوني والحصول على الجنسية بشكل نهائي لما يقدر بنحو 11 - 12 مليون مهاجر غير شرعيين يعيشون في الولايات المتحدة. في عام 2016، أنهى دونالد ترامب الدعم الواسع في حزبه لهذا النوع من الصفقات من خلال تصوير المهاجرين على أنهم تهديد لأمتنا. وكرئيس، قام بتقييد عدد المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة، وفصل العائلات، وقام بتفكيك محاكم الهجرة لدينا، مما أعاق القدرة على التعامل مع طالبي اللجوء على الحدود.
ومع ذلك، في عام 2019، وتحت إشرافه، كانت هناك زيادة بنسبة 90% في اعتقال المهاجرين على طول الحدود الجنوبية مقارنة بعام 2018. واليوم، نظراً لأن الأزمة محسوسة ليس فقط على طول الحدود، ولكن أيضاً في المدن في جميع أنحاء البلاد، يرفض الناخبون بشدة تعامل الرئيس بايدن مع الحدود.
ولم تتخذ إدارته إجراءات ذات معنى لمنع الولايات التي يسيطر عليها «الجمهوريون» من إرسال حافلات مليئة بطالبي اللجوء إلى المدن دون إشعار مسبق أو التدخل بحل فيدرالي. ونتيجة لذلك، أصبح «الديمقراطيون» الآن أكثر انفتاحاً على العمل من أجل التوصل إلى حل يقلل من الهجرة غير الشرعية.
ومن شأن الصفقة المقترحة أن تقيد وتوسع السلطة التنفيذية في الوقت نفسه. أولاً، قد يفقد بايدن السلطات الأساسية التي استخدمها الرؤساء لعقود من الزمن لتنظيم الهجرة في أوقات الأزمات.
والأسوأ من ذلك، إذا أعيد انتخاب ترامب، فستكون لديه أدوات جديدة تحت تصرفه يمكنه استخدامها لترويع المهاجرين وجعل الفوضى على الحدود أكثر حدة. وباعتباري مسؤولاً حكومياً سابقاً عملتُ في السلطتين التنفيذية والتشريعية لتحديد الحلول للهجرة الجماعية على الحدود الجنوبية، فإنني أتفق مع المشرعين على أن الوضع الراهن غير مستدام، وأن الإصلاحات مطلوبة. لكن هذه الصفقة لن تخفف من التحديات الحدودية، التي يواجهها بايدن ما لم يبن الكونجرس مسارات هجرة قانونية تضعف الكارتلات التي استفادت أكثر من قيود اللجوء الجديدة. لنأخذ على سبيل المثال سلطة الطرد المعلن عنها والتي يدرسها مفاوضو مجلس «الشيوخ».
ستسمح هذه السياسة لمسؤولي الحدود بطرد المهاجرين دون فحص طلبات اللجوء. قد يبدو هذا بمثابة إجراء ردع فعال، لكن قيود اللجوء المماثلة، بما في ذلك المادة 42، أثبتت عكس ذلك. يجب على «الديمقراطيين» أن يتعلموا من أخطاء الماضي وأن يناضلوا من أجل خطة من شأنها خلق المزيد من المسارات القانونية، وتحفيز الناس على طلب اللجوء في موانئ الدخول لدينا، وتسريع طلبات اللجوء حتى يتمكن الأشخاص المؤهلون من العمل والمساهمة في اقتصادنا، وترحيل الأشخاص الذين ليس لديهم مطالبات قانونية صالحة للبقاء في الولايات المتحدة.
ويجب على الكونجرس الموافقة على طلب بايدن للحصول على تمويل لتوظيف وكلاء ومسؤولين عن اللجوء للتعامل مع المهاجرين بطريقة إنسانية ومنظمة – وهو ما يدعمه أغلبية الناخبين. إن الطلب الأكثر هراءً في صفقة الحدود الحالية هو أن «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ يريدون تقييد سلطة الرئيس للإفراج المشروط. في يناير 2023، أعلن بايدن عن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى وقف عمليات العبور غير المصرح بها، بما في ذلك مسارات قانونية جديدة للمهاجرين من كوبا وهايتي ونيكاراجوا.
استخدم الرئيس صلاحياته لتمديد الإفراج المشروط لأشخاص من هذه البلدان ممن لديهم كفيل أميركي، ومنحهم الإذن بالعمل والتقدم بطلب اللجوء إذا كانوا يأملون في البقاء لأكثر من عامين. وتظهر البيانات أن اعتقال هؤلاء المهاجرين انخفض بنسبة 92% خلال عام واحد. قد يعتقد «الديمقراطيون» أن الأمر يستحق تبني سياسات هجرة عقابية على أمل تحسين أرقام استطلاعات الرأي لبايدن.
ولكن يجب عليهم أيضاً معالجة دوافع الهجرة. إن تدهور الأوضاع في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي يضمن أن المزيد من المهاجرين سيضطرون إلى طلب اللجوء في الولايات المتحدة. ينبغي لـ«الديمقراطيين» تحفيز البلدان في جميع أنحاء المنطقة على بناء القدرة على حماية طالبي اللجوء، وإنشاء مسارات قانونية وزيادة المساعدات الخارجية والمساعدات الإنسانية لمساعدة المهاجرين المحتملين على العيش بأمان بالقرب من أوطانهم. ويجب على بايدن أن يساعد الناخبين على فهم أن الحدود لن تتغير حتى يبني الكونجرس نظام الهجرة الذي تحتاجه بلادنا. وتتطلب هذه اللحظة السياسية حلولاً طموحة قادرة على معالجة نطاق تحدي الهجرة اليوم، وليس مجموعة من السياسات، التي من شأنها أن تبقينا عالقين في نفس الإطار القانوني الفاشل الذي ساد في العقد الماضي.
أندريا آر فلوريس *
* نائب الرئيس لشؤون سياسة الهجرة بمنظمة «fwd.us»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»