العقارات تنتعش.. رغم التضخم العالمي
رغم اجتياح التضخم للاقتصاد العالمي، وتوقع استمراره ليبلغ معدله في العام الجاري 6.1%، تواصل الإمارات تحقيق مستوى نمو مرتفع، وقبل نهاية العام الماضي توقع مصرف الإمارات المركزي نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارات إلى 5.7% في عام 2024، بزيادة عن توقعات سابقة، في مؤشر على الثقة الكبيرة بمختلف القطاعات، ومن بينها قطاع العقارات الذي يحتل أهمية كبيرة ضمن مؤشرات النمو المستقبلي، بناء على حجم التبادل في السوق وقيمة المعاملات العقارية في مختلف إمارات الدولة، إلى جانب ما توفره اتفاقيات الشراكات الاستراتيجية من فرص لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية.
وبذلك يمثل قطاع العقارات في الإمارات أحد مصادر القوة، وعوامل جذب الاستثمار وتحريك وإنعاش الاقتصاد باستمرار، وخلال الفترة الماضية من الواضح أن ارتفاع معدل التضخم في الاقتصاد العالمي تحول إلى حافز محرك لسوق العقارات، حيث يدفع المستثمر المحلي والدولي إلى الاعتماد على العقارات ملاذاً آمناً، ومصدراً للعوائد المستدامة لحماية رؤوس الأموال من تقلبات أسعار العملة وارتفاع سعر الفائدة على القروض.
وهناك عبارة يعرفها المستثمرون في العقارات يشير مضمونها إلى أن سوق العقار قد يتعرض لبعض الركود، لكنه ينتعش من جديد، تقول العبارة: «قد يمرض العقار لكنه لا يموت»، وهذا ما يعزز استدامة الثقة بضخ الأموال في شراء العقارات، إلا أن سوق الإمارات العقاري هو الأفضل نتيجة لتمتعه بالكثير من العوامل التي تدعم نموه، بفعل قوة اقتصاد الدولة وثبات قيمة عملتها، وبفعل التأثير الإيجابي لسهولة المعاملات العقارية ومبيعاتها المحمية بتسهيلات وحوافز للمستثمرين العقاريين، تشمل تخفيض رسوم التسجيل والتملك، والحصول على التأشيرة الذهبية، والاستفادة من المبادرات الرقمية والاستدامة والابتكار.
هذا الحراك النشط في سوق العقارات بالإمارات يبشر باستدامة نجاح القطاع، وارتفاع مساهمته في قيادة النمو الاقتصادي للدولة، مدفوعاً بالسمعة العالمية التي ترسخت حول بيئة الاستثمار والسياحة والعيش في الإمارات التي تتميز بالاستقرار، والفرص المفتوحة والتسامح والتنوع الثقافي، واستمرار استقطاب الأنشطة العالمية التي لم تتوقف الدولة عن استضافتها، منذ إكسبو 2020 دبي، وحتى مؤتمر المناخ «كوب 28»، وغيرها من المؤتمرات والمعارض والأحداث والبطولات العالمية التي تشكل عامل انتعاش للسوق العقاري، وغيره من القطاعات السياحية والخدمية.
وبفعل هذا النمو عادت الحركة الإنشائية لاستكمال بناء المشاريع العقارية الجديدة في مختلف إمارات الدولة، وانطلاق مشروعات سكنية وتجارية وترفيهية وسياحية وثقافية وتعليمية.. وكلها توفر خيارات متنوعة ومتطورة للمستثمرين في السوق العقاري، وتنعش قطاع المقاولات والإنشاءات، ما يرسخ التكامل في النمو الذي يشمل قطاعات الاقتصاد الرئيسة، ويعزز توقعات مصرف الإمارات المركزي لنسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام الحالي. وكل المؤشرات السنوية تؤكد أن سوق العقارات في الإمارات من بين أبرز القطاعات الاقتصادية في الدولة، وهو يساهم في الناتج المحلي الإجمالي، ويحقق التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة، ويتميز بجذب المستثمرين المحليين والأجانب، ويعد من أكبر وأنشط أسواق العقارات في المنطقة.
وعلى مستوى إمارة دبي وحدها تشير بيانات كبريات شركات الوساطة العقارية إلى أن مبيعات العقارات تضاعفت في الإمارة حوالي 5 مرات، وارتفعت قيمة التصرفات العقارية في عام 2023 بنحو 5% إلى 554.7 مليار درهم مقابل 528 مليار درهم في العام السابق، لتبلغ نسبة النمو 475% مقارنة بعام 2020.
وهذه الأرقام التي تعكس ثقة المستثمرين بالبيئة الاستثمارية في الإمارات، لها دلالاتها التي تشير كذلك إلى أن الثقة نابعة من مستوى الاستقرار، والبيئة التنافسية التي تجعل الإمارات محفزة وجاذبة للعيش والعمل والاستثمار، بفضل ما تتميز به من بنية تحتية متطورة في الخدمات والمرافق كافة، التي تعزز الطلب على العقارات.
*كاتب إماراتي