سقطت التفاحة على الأرض فاكتشف نيوتن الجاذبية، وأكل آدم وحواء التفاحة فهبطا إلى الأرض، ويبقى هناك سؤال قد يحير الكثيرين، فهل أتحدث اليوم عن تفاحة نيوتن أم عن تفاحة آدم؟ الحقيقة أنني اكتشفت أننا نتحدث عن نفس التفاحة، وقد يبدو الأمر غامضاً إلا أن الرابط سيبدو منطقياً خلال السطور التالية.
اكتشف نيوتن قوانين الجاذبية من سقوط التفاحة من الأعلى للأسفل، وهبط آدم وحواء إلى الأرض بفعل جاذبية التفاحة، وعلى رغم كون الخروج من الجنة أمر مؤسف، لكنه السبب في قيام البشرية، فربما لولا التفاحة ما خُلقنا، إنها «الخطيئة» التي تسببت في وجودنا، وبطبيعة الحال يجب أن نمتن للتفاحة.
لي صديقة تتعجب كثيراً من تفاؤلي، ومن طريقة تفسيري للأحداث وتحليلها وتوجيه تفسيرها نحو دفة السعادة، بينما هي متشائمة تتوقع دوماً السيناريو الأسوأ. وقد سألتُها ذات مرة: ماذا ستستفيدين من توقع الأسوأ؟ أجابت ببساطة: لو حدث لن أشعر بالخوف، فقد توقعته بالفعل. قلت لها: فكري في الأشياء السعيدة، والتي ستؤدي بالتبعية إلى نهايات سعيدة. سكتت، غيرت الموضوع ثم ودعتني ورحلت.
أجلس في شرفتي، أراقب ابن أخي الذي يجري في الحديقة فرحاً خلف الطيور التي ترتاح للحظات على العشب فتعاود الطيران بخفة بعد ذلك.. يتعثر ويقع على الأرض.. أذهب مسرعة إليه وأهدئ من بكائه.. أطلب منه معاودة الركض لأنني أشعر بسعادة بينما هو يلعب، لكنه يرفض الركض قائلاً: أخاف التعثر مجدداً! أقول ببساطة: التعثر جزء من اللعبة، استمتِع بوقتك، حتى الألم الطارئ حاول الاستمتاع به وستتجاوزه بكل تأكيد. يهز رأسه غير فاهم.. فأبتسمُ وأقول له: تذكر كلامي فقط، وستفهمه حين تكبر. بعد دقائق يعاود ممارسة لعبته مرة أخرى، ويركض بينما أنا ابتسم.
ببسمة أجذب التفاؤل، بفكرة أزرعها في رأسي، بكلمة لطيفة تقع في طريقي فاعتبرها لي، الحياة مزروعة بالسعادة، وحتى لو بها بعض الشوك، فالألم جزء من أي شيء، والمخاض الذي يمنح العالم طفلاً جديداً يحمل أملاً كبيراً يحوي ألماً لا يوصف للأم، لكنها لا تهرب منه، بل تواجهه وتسعى إليه.
أُقطع تفاحتي إلى قِطع صغيرة أتناولها على مهل، مع كل قطعة يشعر جوفي بالسعادة، يجب أن نُظهِر الامتنان للعالم في كل لحظة، فكل نفس نأخذه معناه لحظة عيش جديدة، وهذه اللحظة جزء من العمر الذي نعيشه، ولكي نعيشه بشكل حقيقي يجب أن نتفاءل، فما فائدة العيش بحزن وضيق، أو حتى العيش بشعور محايد يجعل الزمن يمر من دون أن نشعر به.
فكر فيما يسعدك، دع ما يضايقك يمر ولا تقف على محطته، انتظر الفرح بشغف وسيأتي، سينجذب إلى مجالك المغناطيسي ولن يهرب، المهم أن يكون إحساسك صادقاً.
زارتني صديقتي المتشائمة من جديد، شعرتُ بها وقد تغيرت، سألتُها عن السبب، فأخبرتني أنها فكرت في كلامي ووجدت الحق لديّ. فافتراض حدوث الأسوأ يجذبه إليها بالفعل، لذا فقد بدأت صفحةً جديدةً تفكر فيها بشكل إيجابي، فرِحتُ لها كثيراً. أحضرت صديقتي معها قطعاً جميلة من الشيكولاته البيضاء التي يحبها ابن أخي، أخذت قطعة وذهبت له في الحديقة حيث يلعب، أعطيته القطعة، أكلها في تلذذ شاعراً بالسعادة. تركته يكمل الأكل واللعب، عدتُ لغرفتي، أكملت تناول قطع التفاح وقراءة رواية تحكي عن بطلة تقع في الحب كلما تناولت تفاحة، البطلة تشبهني، والحكايات التي نقرأها وتنقلنا إلى عالم آخر نمتن لها لأنها كقطع الشيكولاتة البيضاء التي تُشعرنا بالسعادة، وبمحبة جارفة لهذا العالم، وتفاؤل مستديم لا يقطع حبل الود الذي يربطنا بالحياة.
*كاتبة وروائية سعودية