إحدى حدائق قصر الملك كريستيانوس، المعروف أيضاً باسم قصر قرطبة أو قصر الملوك المسيحيين، وهو قلعة تقع في مدينة قرطبة الإسبانية بالقرب من نهر الوادي الكبير، يعود إنشاؤها إلى القرون الوسطى. ويمكن لزوار هذا القصر التاريخي الذي كان مقراً ملكياً ومنشأة عسكرية، كما كان سجناً ومركزاً لمحاكم التفتيش، تتبع تاريخ المدينة من خلال آثاره الرومانية ونمط عمرانه العربي الإسلامي وبصماته المسيحية الواضحة. 

قديماً كان القصر حصناً للقوط الغربيين، وبعد قيام الدولة الأموية في الأندلس، وعاصمتها قرطبة، اتخذه خلفاؤها قصراً ومقراً لهم، حيث أضافوا إليه أجنحةً كبيرةً ذات ممرات وحدائق، وأقاموا مكتبةً عظيمة في جناحه الغربي، كما نصبوا طواحين لرفع الماء من نهر الوادي الكبير وريّ الحدائق الشاسعة داخل أسوار القصر.
وبعد «حروب الاسترداد» وسقوط قرطبة، أقام ألفونسو الحادي عشر، ملك قشتالة، في القصر، وأضاف إليه أجزاء لا تزال قائمة على حالها إلى اليوم. كما أقام فيه هنري الرابع، ملك قشتالة، وأنشأ برج المراقبة الرئيسي فيه. ثم استخدم خلفاؤه، خاصة إيزابيلا وزوجها فرناندو، القصرَ من بعده، وجعلوه أحد المقرات الأولى لمحاكم التفتيش الإسبانية.
ورغم كل التغييرات التي عرفها قصر قرطبة والملوك الذين تعاقبوا على الإقامة فيه وممارسة الحكم من داخله، فقد حافظ على كثير من طرازه العمراني الإسلامي وطابع عمارته القوطية، وما لبث حتى اليوم يحتوي على مجموعات من الفسيفساء والتوابيت الحجرية الرومانية وزخارف العمارة الإسلامية وأعمدتها ومنمنماتها المميزة.. وهو في وقتنا الحالي وجهةٌ مفضلةٌ للفنانين والطهاة الشباب المولعين باكتشاف غنى الماضي وتعدد ثقافاته. (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)