تعد الإنجازات التي حققها مؤتمر «كوب28» بمثابة دفعة قوية لاستمرار تضافر الجهود الدولية في مواجهة التغيرات المناخية. فالعالم كله شهد على أن حجم تلك الإنجازات والطموح المناخي الذي تحقق في «كوب28» لا يقل أهمية عن ما تحقق في اتفاق باريس للتغير المناخي.
فلأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخي يتم الإعلان عن تعهدات مالية منذ اللحظة الأولى لانعقاد المؤتمر حيث بلغت أكثر من 83 ملياراً كتمويلات مالية تجاه العمل المناخي، وهو ما يشكل إنجازاً تاريخيّاً جديداً يشكّل تحولاً لمرحلة جديدة من التعاون الدولي بشأن تغير المناخ.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل شهد المؤتمر إطلاق نحو 11 إعلاناً وتعهداً طالت مختلف أوجه قضية تغير المناخ، ومن أبرزها تعهد «كوب28» بمضاعفة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، وهو ما دعمته أكثر من 130 دولة، وإعلان «كوب28» الإمارات بشأن النظم الغذائية والزراعة المستدامة، الذي دعمته أكثر من 150 دولة، وإعلان «كوب28» الإمارات بشأن الصحة والمناخ، الذي دعمته أكثر من 135 دولة، وغيرها من إعلانات تستهدف كلها العمل على خفض الانبعاثات، بما يعزز تحقيق الهدف الأهم، وهو منع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات عصر ما قبل الصناعة.
وفي الواقع، فإن هذه الإنجازات لم تأت من فراغ، بل بُذل في سبيل تحقيقها الكثير من الوقت والجهد والعمل الدؤوب من قبل فريق رئاسة «كوب28». فمنذ اللحظات الأولى لإسناد المؤتمر للدولة واجهت الإمارات موجة من الادعاءات التي تعاملت معها القيادة الرشيدة بكل كفاءة واقتدار، وراهنت على تحقيق الإنجازات، وجعل نتائج أعمال المؤتمر بمثابة لحظة مفصلية في العمل المناخي العالمي، الأمر الذي تحقق بالفعل نتيجة الكثير من العوامل، التي تأتي على رأسها الثقة والدعم والمساندة التي أولتها القيادة الرشيدة لرئيس «كوب28» معالي الدكتور سلطان الجابر، بل ورهانها عليه، ولم تتزعزع ثقتها في قدراته على إنجاح المؤتمر، الأمر الذي تحقق بفضل الله تعالى.
وكان أيضاً للسمات والمهارات الشخصية لمعالي الدكتور سلطان الجابر دور كبير في الإنجازات التي تحققت في المؤتمر، خصوصاً تلك المهارات التفاوضية التي سهلت الكثير من العقبات قبل وأثناء انعقاد المؤتمر، والتي جعلته مصدر ثقة وإلهام للكثير من نشطاء البيئة في العالم الآن. الأمر الذي يبشّر بتحقيق الكثير من العمل للوصول إلى الطموح المناخي المرغوب فيه خلال فترة تولي دولة الإمارات رئاسة مؤتمر «كوب28».
كما كان العمل بروح الفريق، الذي تمتع به فريق رئاسة «كوب28»، عاملاً حاسماً في النتائج غير المسبوقة التي وصل إليها المؤتمر، فقد كان أعضاء الفريق بمثابة خلية نحل، تعمل بتنسيق وتوافق تام، في كل الاتجاهات، وعلى مختلف الصُّعُد. فقد كان لفريق رئاسة «كوب28» بصمة واضحة في كل المؤتمرات والمحافل المناخية الدولية والإقليمية في مختلف القارات، بل وساعد في تذليل العقبات التي واجهت هذه المحافل، الأمر الذي جعله يتمتع بالكثير من المهارات التفاوضية، ونال في الوقت ذاته ثقة مختلف الأطراف بلا استثناء.
وفي النهاية، يمكننا القول إن فترة تولي الإمارات رئاسة مؤتمر تغير المناخ خلال هذا العام سوف تشهد الكثير من الإنجازات لمواجهة التغيرات المناخية، خصوصاً مع تفعيل صندوق الخسائر والأضرار.
*باحثة- مركز تريندز للبحوث والاستشارات