فيما جاء تأكيداً على الشراكة المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية في مجال تكنولوجيات الطاقة المتقدمة، وقَّعت «مؤسسة الإمارات للطاقة النووية» وشركة «إكس إنيرجي» الأميركية، الأسبوع الماضي، على مذكرة تفاهم لتطوير المفاعلات المعيارية الصغيرة النووية.
وتنسجم هذه الخطوة مع «البرنامج المُتقدِّم لتكنولوجيا الطاقة النووية» الذي أطلقته المؤسسة في نوفمبر 2023، والهادف إلى تطوير أحدث التكنولوجيات العالمية في مجال الطاقة النووية، تعزيزاً لمكانة الدولة الرائدة فيما يخص المناخ، وخدمةً لمسيرتها في الانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة والصديقة للبيئة، والإسهام في دعم أهدافها التي تضمنتها كلٌّ من «استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050»، و«استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»، و«الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050».
وقد جاء التوقيع على المذكرة من قبل سعادة محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وجي كلاي سيل، الرئيس التنفيذي لشركة «إكس إنيرجي»، وذلك خلال انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، الذي احتضنته دولة الإمارات في الفترة من 30 نوفمبر الماضي ولغاية 12 ديسمبر الجاري.
وتأتي المذكرة كجهدٍ مهم، يُترجِم في الواقع صورةً من صور «الشراكة الإماراتية الأميركية لتسريع الطاقة النظيفة»، التي أُطلقت في نوفمبر 2022، والهادفة إلى تحفيز مشروعات الطاقة النظيفة والوصول إلى خفضٍ مؤثر للبصمة الكربونية، من خلال استثمار قيمته 100 مليار دولار حتى عام 2035.
وستتعاون «مؤسسة الإمارات للطاقة النووية» وشركة «إكس إنيرجي» في تقييم التصاميم الفنية والجدوى الاقتصادية للمفاعلات الصغيرة في بيئات الدولة، وبما يُمهِّد لأن تكون الإمارات منصةً للابتكار في تكنولوجياتها المتقدمة، وقيادة العمل الإقليمي في مشروعاتها مستقبلاً، ضمن مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا وشبه القارة الهندية.
وتُعدُّ المفاعلات النووية الصغيرة تطبيقاتٍ متقدمة من المفاعلات التقليدية، يمكن معها تأمين الطاقة النظيفة لخفض البصمة الكربونية في مجموعة واسعة من القطاعات، خاصةً تلك التي لها احتياجاتٍ ضخمة من الكهرباء، كمراكز البيانات والصناعات التحويلية والثقيلة. ومما يُميز هذه المفاعلات، إمكانية إقامتها ضمن مواقع مُختارة في البنية التحتية لتوفير إمداداتٍ مستمرة وموثوقة وآمنة من الطاقة الكهربائية، هذا إلى جانب إمكانية خدمتها للمشروعات الرائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ونظراً لكونها تتسم بأحجامٍ صغيرة، فإن المفاعلات النووية الصغيرة مرنةٌ بما يكفي لبناء وحداتها في الشركة المُطوِّرة، ومن ثم نقلها بعد ذلك إلى الموقع المُراد، ما يُسهم كثيراً في اختصار أوقات بناء محطاتها وتقليل تكاليفها الإجمالية مقارنةً بمحطات الطاقة النووية التقليدية. ونظراً لكون المفاعل الصغير سهل الاستعمال ويتوافق مع أكثر المعايير العالمية صرامةً، فلا يتطلب وجوده إجراءاتٍ خارجية لضمان تشغيله بشكل آمن، هذا بالإضافة إلى عدم حاجته لكمياتٍ كبيرة من مياه التبريد لتشغيله وإغلاقه.
إن توجُّهات دولة الإمارات إلى المفاعلات الصغيرة المتطورة يؤكِّد الحرص على التوجُّه إلى أحدث التكنولوجيات المتقدمة في مجال الطاقة النووية السلمية، وبما يخدم تحقيق أهداف الحياد المناخي مع عام 2050، من خلال دعم الدور المحوري الذي تقوم به حاليّاً محطات براكة للطاقة النووية، أكبر مصدر منفردٍ للكهرباء النظيفة في العالم العربي، في خفض البصمة الكربونية وتوفير مصادر موثوقة وآمنة من الطاقة النظيفة، واللازمة جميعها في استمرار تقدُّم الدولة ونمو اقتصادها الوطني.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية