بينما يجتمع زعماء العالم للمرة الثامنة والعشرين من أجل معالجة أزمة المناخ - في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتعين عليهم إعادة التفكير في هذا التهديد وبعض التحديات المركزية الأخرى لعصرنا.
هذه التحديات الأخرى تشمل خسائر التنوع البيولوجي المدمرة والتلوث البلاستيكي المنتشر على نطاق واسع لدرجة أنه بات موجوداً الآن على أعلى جبل في العالم، وفي أعمق حفرة في المحيطات، ويجري في عروقنا. وفي التاريخ الطويل لهذا الكوكب، يُعد عصرنا الحالي، العصر البشري المعروف باسم «الأنثروبوسين»، الأول الذي سيُعيد فيه نوع واحد بسرعة تشكيل مستقبل مناخ الأرض وكل الظروف الأخرى التي تجعل الحياة كما نعرفها قابلة للعيش.
هذه الأزمات لا تتعلق بجنون أصاب الكوكب، بل هي أزمات ناجمة عن إخفاقات في تحديد المسؤوليات الاجتماعية وإنفاذها. وعلاوة على ذلك، فإن المجتمعات الأكثر ثراء وقوة وقدرة التي توجد على هذا الكوكب تتصرف وكأنها ليست مدينة بشيء.
أصبحنا مهووسين بالأهداف، ولعل أبرزها هو ذاك المتمثل في منع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض من تجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. والحال أن الأمر يتعلق بهدف كوكبي، وليس بالتزام مجتمعي. وبالتالي، فإنه من دون معنى. ولعل أوضح دليل على ذلك هو أن الكوكب من المرجح أن يتجاوز هذا الهدف بحلول ثلاثينيات القرن الحالي.
والواقع أننا قادرون على كسب التحدي المتمثل في إبطاء ارتفاع درجة حرارة الكوكب. ذلك أن القدرات المجتمعية لإنهاء عصر الوقود الأحفوري -من التكنولوجيا إلى الأنظمة التنظيمية والتقنينية- موجودة منذ عقود.
فعلى غرار ما حدث مع أزمة الأوزون، فإن حل أزمة المناخ يقع على عاتق المسؤولين عنها. وفي هذا الإطار، ينبغي ألا نسمح لمنتجي التلوث الكربوني بالاستمرار في إطلاق أي من الغازات المسببة للانحباس الحراري التي تؤدي إلى رفع حرارة كوكبنا بشكل أسرع من أي وقت مضى منذ عصر الديناصورات. كما يجب علينا زيادة الاستثمارات لإنشاء أنظمة الطاقة النظيفة. وبالتالي، لم يعد هناك مجال للاكتفاء بالتعويض عن التلوث الكربوني الصناعي في الغابات وغيرها من النظم البيئية. وإذا كنا نريد تحديد أهداف لتشكيل مستقبل مناخي أفضل، فينبغي أن تكون موجّهة نحو الصناعات المعنية والدول المسؤولة عن تلويث الغلاف الجوي بانبعاثات الكربون الأحفوري، وتحفيزها على استبدال التكنولوجيات التي تتسبب في الكربون بتكنولوجيات نظيفة.
والتقدم ينبغي أن يقاس من خلال التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة. كما ينبغي أن يكون الهدف بالنسبة لكل الدول المتقدمة هو طاقة نظيفة بنسبة 100%، مع تحديد موعد نهائي متفق عليه - وكلما حدث ذلك مبكراً كان أفضل. والحق أن مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030، وهي أولوية في دبي، ليست هدفاً سيئاً. غير أنه وعلى غرار اتفاقيات المناخ السابقة، سيفشل في الاعتراف بمسؤولية العالم المتقدم الرئيسية عن إنهاء تغير المناخ، وهو ما من شأنه إضعاف الثقة في مثل هذه الاتفاقيات، وخاصة في العالم النامي. ولهذا، يجب أن تركز الجهود الدولية بوضوح على واجبات أغنى وأقوى الأشخاص والصناعات والدول في العالم في إنهاء الأضرار التي يتسببون فيه.
إن هدف طاقة نظيفة عالمياً رهينٌ بشكل كامل بالتزامات الاستثمار من جانب العالم المتقدم، بالإضافة إلى الالتزامات الحالية، ولن يصبح هدفاً فعلياً وحقيقياً إلا بعد أن يتم تأكيد هذه الالتزامات.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»