خلال عام 2022، أشار مركز الإبلاغ عن القرصنة التابع للمكتب البحري الدولي إلى وقوع 115 حادثة قرصنة عالمية وهجمات سطو مسلح، وهذه حصيلة عام واحد فقط من عمليات القرصنة البحرية. أما الأشهر التي سبقت اندلاع الصراع بين إسرائيل و«حماس» في السابع من أكتوبر فقد كانت فترة من الهدوء في منطقة الخليج ومضيق هرمز وخليج عُمان، ثم عادت القرصنة البحرية للواجهة بعد اندلاع الصراع بين «حماس» وإسرائيل. ففي التاسع عشر من نوفمبر الماضي استولى «الحوثيون» في اليمن على سفينة شحن (غالكسي ليدر) المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي وبينما كانت السفينة تقطع عباب البحر الأحمر قفز مسلحون على سطحها من طائرة هليكوبتر ورفعوا العلمين الفلسطيني واليمني، تبع ذلك حادثة آخرى مشابهة وقعت في 26 نوفمبر وأفادت التقارير أن البحرية الأميركية ألقت القبض على خمسة قراصنة حاولوا اختطاف الناقلة «سنترال بارك»، التي يديرها رجل أعمال إسرائيلي في خليج عدن بالقرب من الصومال، وكانت آخر هذه الهجمات استهداف سفينتي «يونِتي إكسبلورر ونمبر ناين» يوم الاثنين الماضي في مضيق باب المندب.
سلامة الممرات والمضائق، وأمن الملاحة البحرية بشكل عام يشكل هاجساً كبيراً لدى المركز البحري الدولي ودول الخليج العربي وسط التوترات الجيوسياسية العالمية وأزمة الطاقة العالمة الناجمة عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وتوسع الهاجس بعد اندلاع الأحداث في غزة، فخطوط الملاحة البحرية ليست كخطوط الملاحة الجوية مثلاً، والتي تحظى فيها الأخيرة بأمان تام من القرصنة والقدرات الهائلة والتقنيات المتطورة لكشف أي مخاطر قبل انطلاق الرحلات الجوية، ولكن الأ مر نفسه لاينطبق على خطوط الملاحة البحرية التي تواجه القرصنة في عرض البحر، حيث تمأسست على مر الزمن تكتلات عصابية للسطو على الناقلات والسفن ومصادرة محتوياتها سواء كانت ناقلات تجارية أو عسكرية وهذا أمر بالغ التعقيد والخطورة، ما اضطر بعض الدول العربية لتأسيس تحالف دولي في 2019 وبعضوية تسع دول (البحرين، الولايات المتحدة الأميركية، الإمارات، السعودية، الكويت، قطر، أستراليا، المملكة المتحدة، ألبانيا) مقره البحرين، ويهدف إلى حماية وتأمين الملاحة البحرية في الممرات المائية في الوطن العربي من الهجمات والقرصنة والعمل من أجل تعزيز التدفق الحر للتجارة وردع التهديدات التي تواجه السفن وتعزيز الوعي بالمجال البحري ومراقبته، وتغطي منطقة عمليات التحالف الدولي لأمن الملاحة في الخليج مضيق هرمز، وباب المندب، وبحر عُمان، والخليج العربي.
ومن أهم أهداف التحالف مساندة الجهود الإقليمية والدولية لردع ومواجهة تهديدات الملاحة البحرية والتجارة العالمية وضمان أمن الطاقة العالمي واستمرار تدفق إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي والإسهام في حفظ السلم والأمن الدوليين.
ولأن دول الخليج العربي قد أدركت خطر التهديدات مبكراً وتجاوزت الكثير من تداعياتها الخطيرة التي كانت تشكل مهدداً للمصالح الاستراتيجية للدول المطلة على هذه المياه، وخطرها على الدول التي تعتمد عليها في تجارتها الدولية، فإن التحوطات الخليجية والعربية من قرصنة الملاحة البحرية باتت أمراً واقعاً وشديد الأهمية، ويظل تحت السيطرة في الوقت الحالي وما يقوم به التحالف الدولي لحماية الملاحة في المنطقة بمثابة قوة ردع دولية للقرصنة البحرية.
*كاتبة سعودية