في إطار دورها الفاعل في صناعة المستقبل، تحتضن دولة الإمارات خلال الفترة من 21 - 23 نوفمبر الجاري فعاليات الدورة الثامنة من «قمة المعرفة 2023» التي تقام في مركز دبي التجاري العالمي، وتلتقي فيها التجارب المحلية مع الخبرات الدولية، في مسعى متجدد لتحقيق الهدفين المحوريين للقمة منذ انطلاق دورتها الأولى عام 2014. ويتمثل هذان الهدفان في استقراء القضايا الحاسمة في المعرفة والتنمية، وبلورة أفضل الممارسات العالمية كحلول متطورة وقابلة للتنفيذ.
ويعكس اهتمام دولة الإمارات باستضافة هذا الحدث بشكل دوري، حقيقةً مهمةً، مفادها إيمان القيادة الرشيدة ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بالأهمية الحاسمة لقيمة المعرفة في تطوير المجتمعات وبلوغ أهدافها المنشودة، ذلك أن المعرفة أصبحت، بما لا يدع مجالاً للشك، المحركَ الرئيسي لعملية التنمية الشاملة خلال المرحلة الحالية التي تشهد المزيد من ثورة المعلومات والتطورات التكنولوجية الهائلة.
وتسعى دولة الإمارات من خلال قمة المعرفة إلى توظيف العلم والمعارف الحديثة للتصدي للتحديات العالمية، وتعزيز مستقبل التنمية المستدامة، ورفع مستوى رفاهية الأمم، وهي تراهن على هذه القمة لتأكيد الدور المحوري للمعرفة في ترسيخ الحلول الرقمية والحلول الخضراء ونمط الاقتصاد الدائري.
وتُعقد القمة هذا العام تحت شعار «مدن المعرفة والثورة الصناعية الخامسة»، تلك المدن التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة. وتعتمد إدارتها على استخدام عدد هائل من التقنيات المتقدمة، ومنها التحكم الذكي، والاتصالات، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، لتوفير بيئة مستدامة وصحية وآمنة للسكان. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لدولة الإمارات سجلاً ناجحاً في مجال تطوير المدن الذكية، حيث تصنف أبوظبي ودبي في قائمة أفضل 50 مدينة ذكية في العالم، وذلك بفضل التدابير المتقدمة التي تم اتخاذها في هذا السياق، مثل التحول الرقمي للحكومة، ومبادرات دبي الذكية، و«إكسبو 2020 دبي» كواحد من أفضل الأحداث المتصلة بالعالم.
وتستمد الدورة الثامنة لقمة المعرفة أهميتَها من اعتبارات أساسية عدة:
- أولها، تزامن انعقادها مع إعلان دولة الإمارات عام 2023 عاماً للاستدامة، وقبل أيام من استضافة الدولة الدورة الـ 28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28».
- ثانيها، الثراء الشديد لجدول أعمالها، حيث تضم أكثر من 43 جلسة حول قضايا شديدة الحيوية، لا سيما الصحة الرقمية والسياحة المستدامة وأدوات تحول التعليم وبناء مدن المعرفة وتأثير الثورة الصناعية الخامسة في ريادة الشركات الناشئة وصناعة التكنولوجيا الحيوية وتعزيز الأمن السيبراني وصناعة المحتوى الإعلامي، إلى جانب مناقشة قضية الحلول الذكية المستدامة من أجل مستقبل الأمن الغذائي الزراعي، وغيرها الكثير من القضايا الحيوية التي تعطي لهذه الدورة أهمية أكبر.
- ثالثها، المشاركة النوعية الكثيفة في فعاليات القمة، حيث يشارك فيها عدد كبير من صناع القرار والمؤثرين، من بينهم عدد من الكوادر الوطنية أبرزهم جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، والدكتورة رابعة السميطي، الوكيل المساعد لقطاع المناهج بوزارة التربية والتعليم.. بالإضافة إلى مشاركة نخبة متميزة من صناع القرار على المستوى الإقليمي والدولي، ومنهم معالي الدكتور عبدالله الدردري، مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومعالي الدكتور يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات بالمغرب.
إن دولة الإمارات لا تدخر جهداً في سبيل نشر العلم والمعرفة بين الأفراد والمجتمعات، ولتحقيق هذه الغاية تقوم على الدوام بإنشاء الهيئات والمراكز وطرح المبادرات التي تدعم هذا التوجه، وهي تعطي اهتماماً كبيراً لقمة المعرفة كحدث دوري يلتقي فيه الرواد من الخبراء وأصحاب الرؤى وواضعي السياسات، لتبادل الأفكار العميقة حول كيفية التصدي للتحديات الراهنة ووضع أسس مستقبل أكثر ازدهاراً، ويعكس عقد هذه القمة للمرة الثامنة على التوالي، اهتمام الإمارات المستمر بقضايا المعرفة وسبر أغوار المستقبل، ونجاح هذه القمة وديمومتها.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية