اللوائح الفيدرالية وطفرة الأنشطة الفضائية
أطلقت شركة «سبيس إكس» حتى الآن، هذا العام، صواريخها أكثر من 70 مرة، أي تقريباً بمعدل صاروخ واحد كل أربعة أيام، وهو معدل غير مسبوق أدى إلى قلب الصناعة رأساً على عقب.
ولكن مع استمرار الشركة في زيادة معدل الرحلات بشكل كبير، ومع جاهزية صاروخها الضخم «ستارشيب» لرحلة تجريبية أخرى، يقول مسؤولو الشركة إنهم قلقون من أن الحكومة لا تواكب ذلك وتخنق قدرة ناسا على إعادة رواد الفضاء إلى القمر.
وصرح «ويليام جيرستنماير»، المدير التنفيذي لشركة سبيس إكس، ونائب رئيس الشركة لشؤون البناء والموثوقية، لصحيفة واشنطن بوست أنه يعتزم التأكيد على هذه النقطة في جلسة استماع بمجلس الشيوخ، حيث يعتزم حث الكونجرس على تبسيط اللوائح وزيادة عدد موظفي إدارة الطيران الفيدرالية المخصصين لإصدار تراخيص الإطلاق الفضائي. «مع تزايد معدلات الرحلات الجوية، وانضمام لاعبين آخرين، نرى أنه من المحتمل أن تكون هناك مشكلة كبيرة قادمة في الصناعة، حيث لن تتمكن الحكومة من مواكبة وتيرة التنمية في القطاع الخاص»، بسحب ما قال جيرستنماير قبل الإدلاء بشهادته أمام اللجنة الفرعية التجارية المعنية بالفضاء والعلوم بمجلس الشيوخ في جلسة استماع بعنوان «تعزيز السلامة والابتكار والقدرة التنافسية في أنشطة الفضاء البشرية التجارية الأميركية».
في أبريل، انتهت محاولة الرحلة الافتتاحية لمركبة «ستارشيب» بعد دقائق قليلة من الإطلاق، عندما بدأ أقوى صاروخ تم بناؤه على الإطلاق في السقوط بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وكان لا بد من تدميره بوساطة نظام إنهاء الرحلة الموجود على متنه. كما دمرت قوة الانطلاق، المدعومة بـ 33 محركاً، منصة الإطلاق، وأدت إلى تطاير الصخور والحطام عبر الزاوية النائية من موقع الإطلاق بجنوب تكساس.
لم يصب أحد بأذى، لكن إدارة الطيران الفيدرالية أمرت بإجراء تحقيق، والذي انتهى الشهر الماضي، وطلبت من شركة سبيس إكس تنفيذ 63 إجراءً تصحيحياً. كما أثارت محاولة الإطلاق رفع دعوى قضائية من قبل المجموعات البيئية التي تشعر بالقلق بشأن التأثير الذي قد تحدثه المركبة الفضائية على المنطقة. وقال ماسك إن الشركة أكملت جميع الإجراءات المطلوبة للحصول على الترخيص.
وقالت إدارة الطيران الفيدرالية في بيان الشهر الماضي: قبل أن تتمكن سبيس إكس من التحليق بمركبة ستارشيب مرة أخرى، يتعين عليها الحصول على ترخيص من إدارة الطيران الفيدرالية «يتناول جميع متطلبات السلامة والبيئة وغيرها من المتطلبات التنظيمية». وأضافت أن «الإدارة متفائلة بأنها قد تكمل مراجعة السلامة لطلب الترخيص بحلول نهاية أكتوبر».
لكن إدارة الطيران الفيدرالية قالت أيضاً إن الشركة يجب أن تلتزم بعملية مراجعة بيئية إضافية تجريها مع هيئة الأسماك والحياة البرية الأميركية. ومن الواضح الآن أن المشاورات مع منظمة الأسماك والحياة البرية ستمتد حتى نوفمبر، حسبما صرح مسؤول في إدارة الطيران الفيدرالية مؤخراً.
مسؤولو سبيس إكس أشاروا إلى صحيفة «واشنطن بوست» بأنهم عملوا لمدة عامين للحصول على رخصة الإطلاق الأولية للمركبة ستارششيب وكانوا ينتظرون منذ أشهر للحصول على الترخيص الثاني.
وقال «تيم هيوز»، نائب رئيس شركة سبيس إكس، الذي يشرف على الأعمال العالمية والشؤون الحكومية للشركة: «لقد كنا مستعدين للطيران منذ بضعة أسابيع. ونود بشدة أن تكون الحكومة قادرة على التحرك بالسرعة نفسها. إذا كنت قادراً على بناء صاروخ بشكل أسرع من قدرة الحكومة على تنظيمه، فهذا أمر يجب معالجته.
لذا نعتقد أن هناك حاجة لبعض الإصلاحات التنظيمية». في عام 2021، منحت وكالة ناسا شركة «سبيس إكس» عقداً بقيمة 2.9 مليار دولار لتصنيع الصاروخ ستارشيب لنقل رواد الفضاء من وإلى سطح القمر، كجزء من برنامج «أرتيميس» التابع لوكالة الفضاء. وقال مسؤولو الشركة في المقابلات إنه بالنظر إلى ذلك، يجب على إدارة الطيران الفيدرالية أن تعمل على وجه السرعة.
هيوز يرى بأنه «يجب أن يكون هناك نوع من تحديد الأولويات فيما يتعلق بالبرامج ذات الأهمية الوطنية، مثل عمليات الإطلاق التي تخدم برنامج أرتميس، والتي سيتم التعامل معها بأقصى قدر من الكفاءة، كل ذلك في سياق حماية السلامة العامة». لطالما انتقد «إيلون ماسك»، مالك شركة سبيس إكس، الجهات التنظيمية، وانتقد سابقاً إدارة الطيران الفيدرالية باعتبارها تتحرك ببطء شديد.
وفي أواخر عام 2020، أطلقت الشركة نموذجاً أولياً لمركبتها الفضائية ستارشيب في انتهاك لترخيصها. وكتب «ماسك» في ذلك الوقت على منصة تويتر، المعروفة الآن باسم «إكس»: «على عكس قسم الطائرات، وهو قسم جيد، فإن قسم الفضاء التابع لإدارة الطيران الفيدرالية (FAA) لديه هيكل تنظيمي معطل بشكل أساسي. فقواعدهم مخصصة لعدد قليل من عمليات الإطلاق القابلة غير الضرورية سنوياً من عدد قليل من المنشآت الحكومية. وبموجب هذه القواعد، لن تتمكن البشرية من الوصول إلى المريخ أبداً».
وقد التقى ماسك مؤخراً بكبار مسؤولي إدارة الطيران الفيدرالية في واشنطن فيما وصفه المسؤولون بأنه لقاء ودي ومثمر. ولم تستجب إدارة الطيران الفيدرالية لطلب للتعليق. لكن في تدوينة حديثة، قال «كلفن كولمان»، رئيس مكتب النقل الفضائي التجاري التابع لإدارة الطيران الفيدرالية، إن الوكالة «واجهت تحدياً لمواكبة هذه الصناعة - فكرياً، وليس فقط فيما يتعلق بالترخيص. وهذا ما يجعل الأمر ممتعاً». نحن نحب الارتقاء إلى مستوى التحدي».
تعتزم شركة سبيس إكس إطلاق ما يصل إلى 12 رحلة شهرياً في العام المقبل، وتأمل في استخدام ستارشيب لبدء وضع الجيل التالي من أقمار«ستارلينك» للإنترنت في المدار. ومن المتوقع أن تبدأ الصواريخ الجديدة التي يقوم بتطويرها اتحاد «يونايتد لانش أليانس» United Launch Alliance، وهو مشروع مشترك بين شركتي «بوينج» و«لوكهيد مارتن»، المشروع الفضائي الذي أسسه جيف بيزوس، بالتحليق في الأشهر أو السنوات المقبلة.
وقال جيرستنماير:«إن الابتكار الذي نحتاج إلى الحفاظ عليه لنكون رائدين في رحلات الفضاء يتعرض للخطر لأنه لا يتوافق مع النهج التنظيمي». وأضاف:«أريد التأكيد على أننا لا نقول إننا نريد تعريض السلامة العامة للخطر بأي وجه من الوجوه. فنحن نريد حماية السلامة العامة. لكننا نريد التحرك بأسرع ما يمكن في هذا الإطار».
*كاتب متخصص في قطاع الفضاء
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج أند سينديكيشن»