الإعلام الدولي ومكافحة تغير المناخ
أيامٌ معدودات تفصلنا عن التئام الحدث الأهم في مجال مكافحة تغير المناخ، وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، الذي سينعقد في دبي، في الفترة (30 نوفمبر-12 ديسمبر) المقبلين. ولعل هذا يُلقي مسؤولية على الإعلام الدولي، المقروء والمرئي والمسموع والتقليدي والجديد، في حشد اهتمام العالم بالمؤتمر، والتعريف بالقضايا التي سوف تُطرح على أجندته، ودعوة الدول الأطراف إلى المشاركة الإيجابية والفعّالة في أنشطة المؤتمر وفعَالياته، وتركيز الضوء على المشكلات البيئية الكونية التي تتطلب حلولًا كونية.
بيد أنّ عددًا قليلًا من الإعلاميين والصحفيين، وبعض القنوات الإعلامية التقليدية والجديدة، ابتدعوا لأنفسهم دور صانع المشكلات. ومن ثم، أخذوا يثيرون جوانب سلبية متصورة أو متخيلة لانتظام كوب 28 في دولة الإمارات، ويثيرون معارك جانبية، لا تخدم الهدف الذي يسعى العالم كله من أجل تحقيقه وهو مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد مستقبل البشرية كلها، بل ولجت فئة من وسائل الإعلام في جدلٍ عقيم حول ما إذا كانت قضية تغير المناخ حقيقية أم متخيلة.
ويهدف المقال إلى أن يعمل الجميع بتآلف وتآزر من أجل إنجاح المؤتمر في تحقيق أهدافه الطموحة التي رسمتها له رئاسته في مكافحة تغير المناخ، ورسم معالم خريطة طريق يمكن من خلالها للإعلام أن يسهم مساهمة إيجابية في تحقيق هذه الأهداف، وتدارك الفرصة الأخيرة التي يوفرها مؤتمر كوب 28.
ومن أهم معالم هذه الخريطة تنوير الرأي العام بالقضايا والمشكلات البيئية المركبة والحالة التي تؤثر في حياة الناس والكوكب الذي يعيشون فيه، وهذا هو الدور التقليدي للإعلام. كما أن الإعلام الدولي يمكنه لعب دور سلمي استباقي، يتلخص في الإسهام بتأمين انعقاد المؤتمر وانتظام فعالياته في أمنٍ وسلام، والابتعاد عن إثارة الإشكاليات والقضايا التي تستهدف تشتيت انتباه المؤتمِرين، وصرف اهتمام الرأي العام العالمي إلى قضايا فرعية سياسية أو أيديولوجية لا علاقة لها بالقضايا الرئيسية التي سوف يتناولها المؤتمر.
ويمكن أن تُشكّل منصات الإعلام الدولي مؤتمرًا موازيًا عن تغير المناخ أو محاكيًا لـ«كوب28»، تُدعى إليه نخبة من الخبراء والمختصين، تعكف على تقديم رؤاها وأطروحاتها عن تغير المناخ، وأفضل السبل لمكافحته.
ويمكن أن يوفر الكونجرس العالمي للإعلام، الذي سيعقد دورته الثانية قريبًا في أبوظبي، هذه المنصة التي تستطيع من خلالها وسائل الإعلام الدولي الإسهام بفاعلية وإيجابية في إنجاح جهود القائمين على المؤتمر للخروج بنتائج استثنائية تغير مسار البشرية جميعًا للطريق الصحيح. وأخيرًا، فإنّ دور الإعلام الدولي أساسيٌّ في تعبئة الرأي العام العالمي للتفاعل مع قضية تغير المناخ، والمشكلات والأزمات العديدة والمتنوعة المتفرعة عنها، وحث الناس على الإسهام بفاعلية في مواجهتها، وأن يصبحوا جديرين بوصف «المواطنين العالميين الإيجابيين».
باحث رئيسي*
مدير إدارة النشر العلمي- مركز تريندز للبحوث والاستشارات