الإمارات وتحدي ندرة المياه
خلال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بعرض العديد من الإعلانات البارزة ومن بينها نشر ورقة نقاش مفصلة تسلط الضوء على تهديد الندرة المائية العالمي.
وضمن هذا الإطار صرح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، أثناء إعلان نشر هذه الورقة، بأن «الإمارات تشعر بقلق عميق تجاه مشكلة ندرة المياه ومخاطرها الكارثية المتصاعدة التي تشكل تهديداً حقيقياً لعالمنا». وقد أكدت ورقة النقاش أن أكثر من أربعة مليارات شخص حول العالم، يعانون حالياً من ندرة المياه، وهناك توقعات بزيادة هذا العدد خلال السنوات القادمة.
وأشارت الورقة أيضاً إلى أن هذه المسألة لا تحظى بالاهتمام والاستثمار المالي الكافييْن اللذين يُمنحان عادة لقضايا أخرى مثل تغير المناخ، مما يعرقل إيجاد حل فعّال لها؛ كونها من بين التحديات العالمية الكبرى. تتألف الورقة البحثية من ثلاثة أقسام رئيسية.
يتناول الجزء الأول مسألة تعريف مصطلح «ندرة المياه»، الذي يُشير إلى عدم التوازن بين توفر المياه والاستهلاك في منطقة محددة. كما يوضح هذا القسم مؤشرات مستوى ندرة المياه، حيث يُعتبر وجود كمية مياه متجددة تقل عن 1700 متر مكعب سنوياً للفرد على أنه انتشار لندرة المياه، وإذا انخفضت إلى ما دون 500 متر مكعب سنويًا، فإن ذلك يُعتبر نقصاً حاداً في الموارد المائية. كما وضح هذا الجزء عن أسباب انتشار ندرة المياه، بما في ذلك ظاهرة الهدر، وتلوث المياه، وارتفاع معدلات النمو السكاني، وتغيرات المناخ.
الجزء الثاني يتعرض للحلول الممكنة لمشكلة ندرة المياه. وتم تصنيف هذه الحلول إلى ثلاث فئات رئيسية. الفئة الأولى تركز على زيادة توفر المصادر المائية من خلال تعزيز المصادر الحالية وزيادة كمية المياه المتاحة. الفئة الثانية تهدف إلى تقليل الاستهلاك الإجمالي للمياه من خلال إدارة الطلب.
أما الفئة الثالثة، فتركز على تحسين الحوكمة المائية، وتعزيز الوعي بقيمة المياه، وتحسين عمليات توزيع الموارد المائية واستخدامها بكفاءة. والجزء الثالث، يُسلط الضوء على التزام الإمارات بالتعاون مع المجتمع الدولي لمواجهة هذه المشكلة وتطوير الاستراتيجيات العالمية للحفاظ على الموارد المائية.
وقد وضح هذا الجزء أن دولة الإمارات تعمل على إطلاق مبادرة غير ربحية مخصصة لتعزيز وتسريع جهود تطوير وتجريب الحلول الجذرية التي من الممكن أن تحل العديد من جوانب تحدي ندرة المياه. كما تسعى الإمارات إلى الاستفادة الكاملة من إمكانيات مؤسساتها الأكاديمية وأجهزتها الحكومية وقطاعاتها الصناعية المعنية، بهدف تعزيز قدراتها في مجال البحث والتطوير المتعلق بالمياه، وتحديث وتطوير السياسات المحلية لتحسين أداء استدامة المياه.
إن مواجهة تحدي ندرة المياه تتطلب جهداً مشتركاً ومبادرات بحثية من المجتمع الدولي، وفي هذا السياق الحيوي، تقدم دولة الإمارات مثالاً قوياً للجهود الفعّالة. يجب أن نستفيد من تلك الجهود ونراعيها بجدية لمواجهة تحديات ندرة المياه التي تهدد منطقتنا والعالم ومستقبل الأجيال القادمة.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.