«هالي».. البديل الأفضل لترامب
لدي مجموعة من الأصدقاء والمعارف من «الجمهوريين» الذين ينتمون إما لمجموعة «لا لترامب»، أو لمجموعة «ربما ترامب»، أو مجموعة «ترامب نوعاً ما».
وكانوا يبحثون عن المرشح الذي يمكنهم دعمه ومنحه أموالهم، شخص يكون بمثابة الترياق لدونالد ترامب ويمكنه الفوز في الانتخابات العامة. وقد أجرينا محادثات لا نهاية لها حول هوية هذا الشخص. ومر العديد من هؤلاء الأصدقاء والمعارف بمرحلة رون ديسانتيس، بينما كان عدد قليل يفضل خيار وجود مرشح ثالث. وجدت نفسي في كثير من الأحيان أروّج لتيم سكوت.
فإذا كان ترامب وصمة، فإن تيم سكوت هو العلاج اللطيف والصادق والمتفائل. لكن مناظرة يوم الأربعاء أقنعتني بأن أفضل بديل لترامب ليس «سكوت»، بل نيكي هالي. لا شيء ضد «سكوت»، لكنه لم يُظهر النوع المحدد من السلطة والقوة اللازمة لإسقاط ترامب، بينما أظهرت «هالي» أكثر من لمحة من تلك القوة. لقد أوضحت مناظرة الأربعاء السرطان الذي يأكل الحزب «الجمهوري»، فالأمر لا يتعلق بمجرد تجاوزات ترامب.
لكن الخطر الحقيقي يكمن في أنه يخلق أجيالاً من الناس، مثل «فيفيك راماسوامي»، الذين يهددون بالسيطرة على الحزب «الجمهوري» لعقود قادمة. إن «راماسوامي» ليس لديه أي سبب على الإطلاق للترشح للرئاسة. وقال إن ترامب هو أفضل رئيس في القرن الـ 21.
فلماذا يتنافس ضد الرجل الذي يعجب به؟ الجواب هو: للفت الانتباه إلى نفسه. ربما ليكون نائب رئيس ترامب أو سكرتيراً لوسائل التواصل الاجتماعي. إذا كان ترامب قد خرج من عالم مصارعة المحترفين الخيالي، فإن «راماسوامي» يخرج من عالم وسائل التواصل الاجتماعي الوهمي وقطاعات الدرجة الثالثة في المجال الإعلامي اليميني. إن تصريحاته عبارة عن استفزازات سريعة في وجهك تهدف إلى إنتاج مستويات عالية من الإثارة الشعبوية المؤقتة.
كل ذلك عرض أدائي، إذ يبدو «راماسوامي» غير مهتم بالحكم فعلياً مثل معبوده. لم يتمكن «الجمهوريون» من إسقاط ترامب لأنهم لم يتمكنوا من دحض واستبدال روح «ترامب/راماسوامي» الأساسية - وهي أن السياسة في الأساس شكل من أشكال الترفيه. ولكن، مراراً وتكراراً، بدا أن «هالي» تنظر إلى جناح «ترامب/راماسوامي» وتقول ضمناً: أنتم يا أطفال بحاجة إلى التوقف عن تجميل أنفسكم والتعامل مع الواقع.
لقد أظهرت نفاد صبرها التام تجاه هذا النوع من التبجح الذي تصنعه الأنا الذكورية الهشة بقدر كبير. لقد تمكنت «هالي» من التغلب على «راماسوامي» في السياسة الخارجية. وأوضحت أنه يفتقر إلى أي خبرة في هذا المجال. كما أنها تبنت روح أميركا أولاً بأكملها والتي تبدو خطاً جيداً، ولكن هذا لا ينجح عندما تحكم قوة عظمى. وقالت وهي تشير إلى راماسوامي: «إنه يريد تسليم أوكرانيا إلى روسيا، ويريد التوقف عن تمويل إسرائيل.
أنت لا تفعل ذلك للأصدقاء». والشيء نفسه فيما يتعلق بالإجهاض، استغل العديد من معارضيها هذه القضية كفرصة لجعل القضية تتعلق بهم. لقد كانت الوحيدة التي اعترفت بتعقيد القضية، وحاولت إضفاء الطابع الإنساني على الأشخاص الذين وقعوا في مواقف رهيبة، والتي اعترفت بأن الموقف المطلق غير قابل للاستمرار سياسياً.
لقد كانت مرشحة شجاعة بما يكفي لتوضيح الحقيقة الواضحة، وهي أن ترامب دمر عقوداً من المواقف المالية المحافظة للحزب «الجمهوري». واتخذ المرشحون الآخرون المواقف المحافظة المعتادة بشأن خفض الضرائب والإنفاق، لكنها قدمت الواقع: في عهد ترامب، أضاف الحزب «الجمهوري» 8 تريليونات دولار إلى الدين الوطني.
وكان ذلك جزءاً من إنجاز أكبر. يبدو أنها واحدة من المرشحين القلائل الذين يفهمون أنه لكي تتنافس ضد ترامب، عليك أن تتنافس ضد ترامب. ويبدو أن العديد من المرشحين الآخرين، وخاصة رون ديسانتيس، استوعبوا الافتراض الترامبي بأن الناخبين «الجمهوريين» أغبياء إلى الحد الذي يجعل من الممكن كسبهم عن طريق الهراء.
إن «ديسانتيس» رجل ذكي يحاول الترشح باعتباره ساذجاً. وعلى النقيض من ذلك، يبدو أن «هالي» تعتقد أن الناخبين أذكياء بالقدر الكافي ليعاملوا كبالغين. لكي تتبع ترامب، يتعين عليك بشكل أو بآخر أن تقول وداعاً للعالم الفعلي، وأن تعيش وفقاً لقواعد كرنفال بيت المرح. ويبدو أن «هالي» لا تزال قدماها راسختين على الأرض، وأنها قادرة على مواجهة ما أسماه الكاتب الأميركي «سول بيلو» ذات مرة «الوضع الواقعي». سؤالي الأكبر الذي يتعلق بـ«هالي» هو: هل تعرف في أي عام نحن الآن؟
لقد كان النقاش الأكثر إثارة للاهتمام في تلك الليلة بين راماسوامي ومايك بنس. ويحسب لراماسوامي أنه كان يتحدث عن أزمة الصحة العقلية في البلاد وأزمة الهوية الوطنية التي تكمن تحتها. لوح «بنس» بكل هذا الحديث عن فقدان المعنى والهدف بقدر كبير من السخرية، وقال إن المشكلة الحقيقية هي أن الحكومة ليست جيدة مثل الشعب. أما بنس، مثل كثيرين في هذا المجال، فهو لا يزال يعيش في عصر رونالد ريجان، أو على أبعد تقدير، عصر «حزب الشاي».
لم يوجه المرشحان تركيزهما نحو تلك الأنواع من الاهتمامات الأكثر أهمية بالنسبة للناخبين في قلب البلاد الذين لا يحملون شهادة جامعية. وهما لا يفهمان لماذا كانت العقيدة «الجمهورية» القديمة هشة إلى هذا الحد في مواجهة ترامب. ولم يواجها الحقائق الجديدة التي ظهرت في هذا القرن. فهل تدرك «هالي» هذه الحقائق؟ من السابق لأوانه معرفة ذلك. ولكن إذا كان أي من أصدقائي ومعارفي يريد إيقاف ترامب، فهذه هي اللحظة المناسبة لمنح هالي فرصتها.
ديفيد بروكس*
*صحفي أميركي من أصول كندية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»