إضراب هوليود!
منذ ستين عاماً لم تشهد هوليوود إضراباً يجمع عشرات الآلاف من الممثلين فيها وكتاب السيناريو وصناع السينما البارزين كالذي تشهده هذه الأيام مدينة النجوم والإنتاج السينمائي الأضخم والأشهر عالمياً.
وكان آخر إضراب مشترك بين الممثلين والكتاب في عام 1960حين كان رئيس نقابة ممثلي هوليوود آنذاك الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، وهي النقابة التي سبقت (SAG-AFTRA) الحالية. لكن ما هي أسباب الإضراب الحالي؟ وما هي الظروف التي دعت إلى هذا الحشد بالعدد الهائل من رموز الفن والكتاب لاتخاذ خطوة كهذه؟
انضم الممثلون إلى الكتّاب في صفوف الاعتصام الذي بدأ منذ الثاني من شهر مايو الماضي علي يد نقابة الكتاب الأميركية (WGA)، وانضمت له بعد ذلك SAG-AFTRA، مطالبين جميعاً بزيادة الرواتب الأساسية وأجور الممثلين وضمانات أخري تخص الصناعة في المستقبل، والتي تأثرت بشكل كبير بعد جائحة كورونا، وتواجه اليوم الكثيرَ من التحديات المتعلقة بالإنتاج والأعباء المادية الباهظة، وقد قضى هذا بمنع النجوم من القيام بأعمال ترويجية لأفلام وأعمال سينمائية جديدة، مما أبطأ عرض بعض الأعمال الجديدة بما في ذلك فيلما المهمة المستحيلة وأوبنهايمر. لكن هل هذه أسبابٌ كافية بالفعل لخروج ذلك الحشد الكبير من الممثلين والكتاب للإضراب حول واقع صناعة السينما اليوم؟
هناك مخاوف متزايدة مع الموجة الجديدة من ثورة الذكاء الاصطناعي، والاختلاف الدائر حول استخدام أدوات برمجياتها، وما توفره من إمكانياتِ أخذ صورٍ للمثلين ومسوحات تصويرية وبصمات صوتية تتيح لهذه البرمجيات توليد مشاهد غير منتهية تكفي لإنتاج فيلم أو مسلسل، ودفع مقابل مالي للممثل يساوي أجرة يوم عمل واحد فقط!
وهذا وارد جداً في الوقت الحالي فيما يخص مسلسلات وأفلام الإنمي (الكارتون). لذا فإن مخاوف الممثلين إزاء هذه الثورة الجديدة للذكاء الاصطناعي مخاوف مشروعة، فهذه الثورة تهدد مستقبل أكثر الفئات غلاءً في العالم وأشدها ثراءً وتسابقاً في أرقام الثروات والأرصدة والقصور واليخوت.. إلخ، فنجوم هوليوود كأفلامها، نجوم ساطعة بالثراء والإبهار والسجاد الأحمر في كل مناسبة!شهدت هوليوود تغيرات وصدمات كثيرة خلال الأعوام الماضية، بسبب جائحة كورونا وما صاحبها من تراجعات على كافة المستويات.
ومن هذه التحديات التي نمت وتفاقمت بسرعة مدهشة، ولم يتمكن مجتمع هوليوود من التكيف معها، هي زيادة أسعار خدمات البث عبر الإنترنت، والتي صعّبت على أستوديوهات الإنتاج كسبَ الأرباح كما هو معتاد.
ففي السابق كانت الأرباح تأتي من عدد المشاهدين الذين يدفعون ويحضرون قاعات السينما، أما الآن فتأتي من المتابعة عبر الشبكة العنكبوتية (أون لاين)، الأمر الذي جعل المعاناة تنتقل من المنتجين إلى الممثلين والكتّاب. في عام 2007 حدث إضرابٌ مماثلٌ استمر لمدة 3 شهور فقط، توقفت خلاله الكثيرُ من الأعمال والمسلسلات.
وقد كلَّف هذا الإضرابُ ولايةَ كالفورنيا لوحدها ما قيمته ملياري دولار من الخسائر، رغم أن الإنتاج لم يتوقف بشكل كامل، ناهيكم عن إضراب 160 ألف ممثل من نجوم هوليوود، وبقيت أعمال سينمائية كبرى لم تكتمل بعد، وهو ما يؤثر تأثيراً كبيراً على واقع السينما والفن في مدينة الفن التي أبهرت العالَم منذ عام 1910 وحتى يومنا هذا!
*كاتبة سعودية