يُعد الحوار الثقافي الوسيلة الأنجح لفهم الآخر، والتعايش السلمي، وحل الخلافات، وتعزيز الجهود المشتركة في مواجهة التحديات والأزمات الدولية. كما أن الحوار بين الثقافات يعزز التماسك الاجتماعي، ويساعد في خلق بيئة موصلة إلى التنمية المستدامة، وسيادة قيم السلام والتعاون بين الشعوب والأمم.

ويمكننا القول إن الحوار الثقافي يُعد من أقوى ركائز التواصل الثقافي بين أفراد المجتمع الواحد، بل وحتى بين المجتمعات المختلفة، وهو إحدى ضروريات العصر الحديث.

هذا العصر الذي لا يمكن فيه التعايش والتفاعل والتفاهم إلا بقبول الآخر، والانفتاح على الآراء وتبادل الأفكار، من أجل التعارف ومشاركة المعرفة والمنافع المتبادلة. لذا، فإن فكرة حوار الثقافات تُعَدُّ من المفاهيم الأساسية التي أصبحت ضرورة حتميةً مهمة. وهي الآن تحتل الصدارة في قائمة الأولويات لدى الشعوب والدول، لكونها الطريق الأسلم، والدواء الأنجع، لتجاوز الأزمات والخلافات بين المجتمعات والدول، وإيجاد لغة مشتركة تساعد في حل أية خلافات قائمة على أساس عدم أو سوء فهم الآخر. كما يؤدي الحوار الثقافي أيضاً إلى تعزيز القيم الإيجابية، وتصحيح المفاهيم والأفكار والتصورات الذهنية المغلوطة تجاه الشعوب، بعضها البعض، الأمر الذي يجنب البشرية ويلات الحروب، ويحُول دون نشر الأفكار المتطرفة، والنزعات القومية المتشددة، التي باتت تنتشر في العالم برمته.

ضمن هذا السياق، يقوم مركز تريندز للبحوث والاستشارات بجهود كبيرة في نشر المعرفة الصحيحة على مستوى العالم كله، بهدف تقديم رؤية ثاقبة ومستنيرة للقضايا والتحديات العالمية من منظور استراتيجي، وتعزيز الحوارات الثقافية والمعرفية، إقليمياً وعالمياً.

وآخر هذه الجهود وأحدثها الجولة المعرفية والثقافية التي يقوم بها حاليّاً «تريندز» في دول جنوب شرق آسيا، حيث شارك من خلالها في معرض سيؤول الدولي للكتاب 2023، بجناح خاص عرض فيه عشرات العناوين من إصداراته البحثية المتنوعة، وأقام في قلب المعرض العديد من الفعاليات واللقاءات والندوات العلمية التي حضرها المفكرون والمواطنون الكوريون، ومنها ندوة: «علاقات الشعوب كأساس لصناعة السلام العالمي.. بناء ثقافة الحوار والتسامح»، بالتعاون مع معهد جيجو للسلام، وندوة: «الطريق إلى كوب28.. أهمية العمل الدولي الجماعي لمواجهة التغير المناخي».

وعلى صعيد آخر، قام فريق العمل بزيارة عدد من الجامعات في كوريا، وتوقيع اتفاقية شراكة وتعاون مع الجمعية الكورية-العربية. كما تشمل الجولة أيضاً زيارة مراكز بحثية ومؤسسات أكاديمية في كلٍّ من اليابان وسنغافورة لتحقيق الهدف نفسه.

وبالتوازي مع هذه الجولة، كان المركز نشيطاً في أماكن وفعاليات أخرى، إذ شارك بفريق ثانٍ من باحثاته المتميزات في «منتدى دراسات السنوي السادس» بمملكة البحرين في موضوع «دور المرأة في صنع السياسات ومراكز الفكر والبحوث»، وشارك بفريق ثالث في التوقيت نفسه في «الحوار العربي- الأوروبي» في القاهرة، الذي نظَّمته الهيئة القبطية الإنجيلية، فيما يقوم فريق بحث رابع بالمشاركة الفاعلة اليوم في مؤتمر «الإقليمية الجديدة في الشرق الأوسط»، بالشراكة والتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش ومعهد موشيه ديان.

إن الدور النشط الذي يقوم به تريندز في نشر المعرفة وبناء الشراكات البحثية وتعزيز الحوار الثقافي هو جزء من استراتيجيته العالمية، التي بدأت تؤتي ثمارها بتعزيز مكانة المركز وحضوره الفاعل إقليمياً وعالمياً.

*الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات