فوز أردوغان.. والمعارضة التركية!
وصف كُتاب الغرب الانتخابات التركية، بأنها أهم انتخابات بلا منازع حتى من أميركا.
لقد أسفر فوز أردوغان عن وجه المعارضة المكفهر، خلال جولتين لم تتعلم المعارضة في تركيا أبجديات السياسة والسلوك الديمقراطي من بعد الهزيمة بالاعتراف بها، لا بقذف الكلمات غير اللائقة في وجه المنتصر.
«المعارضة» هنا هدفها من برنامجها الانتخابي أن تثأر وتنتقم، لا أن تخدم وتلتئم. لِم لَم تسلك المعارضة مسلك الغرب الديمقراطي في الاعتراف بالهزيمة وتهنئة الفائز، خاصة أنه من بني جلدتهم ولم يأتِ من كوكب آخر.
كانت المعارضة مصممة على تقسيم تركيا الأم، إلى مجموعة من الأخوات غير المنسجمات، وقطع أجزاء منها لدولة كردية تقضم قطعة من سوريا والعراق، وتقوية جناح الأحزاب الكردية التي تعتبرها الدولة التركية إرهاباً مسلحاً بالأيديولوجيات المتطرفة والأسلحة الميدانية كافة.
إضافة إلى السعي لطرد اللاجئين السوريين، بدل وضع خطة إنسانية لضمان سلامة عودتهم إلى ديارهم بالاتفاق مع الحكومة السورية، دون قسر أو إجبار، بل لهم الخيار.
دعنا نتأمل في خطاب «المعارضة» في يوم الفصل، قبل ظهور النتائج النهائية وفيما بعدها. نبدأ بخطاب كمال كيليتشدار أوغلو، مرشح انتخابات الرئاسة التركية، قبل ظهور النتائج بقليل من خلال مؤتمر صحفي ذكر فيه: سأواصل العمل من أجل تحقيق تطلعات الشعب التركي، المعارضة التركية تعرضت لضغوط خارجة عن القانون.
وعشنا انتخابات شرسة، علينا الدفاع عن الديمقراطية، وما كان بوسعي أن أتغاضى عن أن يتم انتهاك حقوقكم ولهذا ترشحت للرئاسة، ولن أقبل للأتراك أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثالثة.
هذا خطاب «غوغائي»، وبعده طالبه الحزب بالتنحي عن الترشح مع وجود بديل من الحزب ذاته، فرفض ذلك وخالف كل تعاليم الحزب الذي يترأسه، بل أكثر من ذلك، خالف نصاً في الدستور يمنع تولي رئاسة الدولة من الطائفة التي ينتمي إليها، وهو مخالف كذلك للنهج العلماني الذي ينبذ انتشار الطائفية في المجتمع التركي.
أما خطابه بعد الهزيمة، فملخصه: «تعرضنا لمحاولات افتراء وتشويه، لكنني أثق في مواطنينا»، «سيأتي السلام والديمقراطية لتركيا مع هذه الانتخابات، حيث سيتمكَّن المواطنون من انتقاد السياسيين بحرية».
«المعارضة» ترى نفسها هي «الديمقراطية» وغيرها «طغيان»، وهي «الدستور» والآخرون من الأتراك «خصوم وأغراب». وهي ترى بأن مشاركتها في الانتحابات لا علاقة لها بالحرية والديمقراطية، عجباً لهذا الطرح الساذج.
بعد قيام المعارضة بكل هذه الممارسات المخالفة لأبسط مبادئ الديمقراطية، ودون أن يتعرض لشيء، لم يطالب الرئيس الفائز إلا أن يقوم الحزب الذي يترأسه كمال أوغلو بمحاسبته، ليس لشخص أردوغان، بل لفواحش الأخطاء التي ارتكبها الحزب المعارض ضد الوطن الذي يجمع الجميع.
*كاتب إماراتي