أفريقيا..الهندسة الشمسية وتغير المناخ
في العام الماضي، قدم العديد من دعاة حماية البيئة إلى مفاوضي المناخ الرائدين في أفريقيا فكرة جريئة: يمكن لتقنية تسمى الهندسة الجيولوجية الشمسية (أو التحكم في الإشعاعات الشمسية وهو نوع من أنواع هندسة المناخ التي تهدف إلى عكس ضوء الشمس لتقليل الاحتباس الحراري) أن تحمي بلدانهم من أسوأ آثار تغير المناخ، على حد قولهم.
وبينما أصر ممثلو مبادرة كارنيجي لحوكمة المناخ على أنهم محايدون، قالوا إن هذه التقنيات، التي تدعي أنها قادرة على إعادة هندسة المناخ نفسه، إما عن طريق تعتيم أشعة الشمس أو عكس ضوء الشمس بعيداً عن الأرض، يمكنها بسرعة وبتكلفة زهيدة تحويل مسار الارتفاع الخطير في درجات الحرارة - وأن البلدان الفقيرة قد تحظى بأكبر المكاسب. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها الغربيون إقناع الأفارقة بأن مشاريع الهندسة الشمسية قد تكون في مصلحتنا، ولن تكون الأخيرة.
في مايو، تستضيف منظمة دولية أخرى غير ربحية، وهي «لجنة تجاوز المناخ»، ومقرها باريس، حدثاً في نيروبي للمساعدة في حشد الدعم للبحوث المتعلقة بالهندسة الجيولوجية الشمسية (التحكم بالإشعاعات الشمسية) وغيرها من التقنيات ذات الصلة التي تقول إنها قد تكون مفيدة في تقليل المخاطر عندما يتجاوز العالم أهداف الاحترار العالمية. بصفتي خبيراً في المناخ، أعتبر تقنيات التلاعب البيئي هذه محفوفة بالمخاطر للغاية.
وبصفتي خبير مناخ أفريقياً، أعترض بشدة على فكرة أن أفريقيا يجب أن تتحول إلى ساحة اختبار. حتى لو كانت الهندسة الجيولوجية الشمسية يمكن أن تساعد في تحويل الحرارة وتحسين الظروف الجوية على الأرض - وهو احتمال لم يتم إثباته على أي نطاق ذي صلة - فهو ليس حلاً طويل الأمد لتغير المناخ. إنه يرسل رسالة إلى العالم مفادها أنه يمكننا الاستمرار في الاستهلاك المفرط والتلوث لأننا سنكون قادرين على إيجاد طريق للخروج من المشكلة.
ستستخدم تكنولوجيا «الهندسة الشمسية» التي تجذب أكبر قدر من الاهتمام، البالونات أو الطائرات لرش كميات كبيرة من الهباء - جزيئات صغيرة، على سبيل المثال، من ثاني أكسيد الكبريت أو الجسيمات النانوية المصممة هندسياً - في الغلاف الجوي (الستراتوسفير) لتعتيم ضوء الشمس.
إنها تسمى إدارة الإشعاع الشمسي وهي تخمينية للغاية (أي تعتمد على نهج نظري وليس عملي). فمن دون استخدام الأرض بأكملها كمختبر، من المستحيل معرفة ما إذا كانت ستؤدي إلى تعتيم أي شيء، ناهيك عن كيفية تأثيره على النظم البيئية والأشخاص والمناخ العالمي.
وتشمل التقنيات الأخرى المقترحة تغطية الصحاري بالبلاستيك، أو هندسة النباتات وراثياً للحصول على أوراق أكثر إشراقاً وقدرة على عكس الضوء، أو جعل الغيوم أكثر بياضاً، ونشر ملايين المرايا في الفضاء. الهدف من كل هذه التقنيات هو مواجهة الاحترار عن طريق تقليل كمية ضوء الشمس التي تصل إلى الكوكب وعكسها مرة أخرى إلى طبقة الغلاف الجوي. تعاني أفريقيا بالفعل من آثار تغير المناخ، مثل الجفاف والفيضانات والطقس المتقلب.
وبينما يرى أنصار «الهندسة الجيولوجية» هذه التقنيات كحل لمثل هذه المشاكل، فإن التقنيات تجلب خطر الإضرار بأنماط الطقس المحلية والإقليمية - مثل تكثيف الجفاف أو الفيضانات، أو تعطيل دورات الرياح الموسمية. ولا يزال التأثير طويل المدى على المناخ والمواسم الإقليمية غير معروف إلى حد كبير، إذ يمكن تقويض سبل العيش للملايين، وربما المليارات من الناس.
ومن الناحية النظرية، ستحتاج هذه التقنيات أيضاً إلى أن يتم نشرها بشكل أساسي إلى الأبد للإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة بعيداً. قد يؤدي التوقف إلى إطلاق الاحتباس الحراري المكبوت لثاني أكسيد الكربون الذي لا يزال يتراكم في الغلاف الجوي في ارتفاع درجة الحرارة، والمعروف باسم «صدمة الإنهاء». وجدت إحدى الدراسات أن تغير درجة الحرارة بعد إنهاء التحكم في الإشعاعات الشمسية يمكن أن يصل إلى أربعة أضعاف ما يسببه تغير المناخ نفسه. وهناك خطر آخر، وهو أن الهندسة الجيولوجية ستحول الانتباه والاستثمارات عن بناء الطاقة المتجددة والحلول المناخية الأخرى في أفريقيا.
لم تتلق القارة سوى 2% من الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة في العقدين الماضيين، وربما يكون الافتقار إلى الوصول إلى رأس المال أكبر عقبة أمام البلدان التي ترغب في خفض الوقود الأحفوري. لا يبدو أن التمويل يمثل مشكلة بالنسبة لباحثي الهندسة الجيولوجية، ومع ذلك، فإن علماء الهندسة الجيولوجية الشمسية وعلماء المناخ بعيدون عن الإقناع، لا سيما أولئك الموجودون في الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، يتوسع برنامج هارفارد لأبحاث الهندسة الجيولوجية للطاقة الشمسية بشكل سريع، بدعم من بيل جيتس وغيره من رجال الأعمال في وادي السيليكون.
كما أعلن الملياردير جورج سوروس مؤخراً نيته في دعم مشاريع الهندسة الجيولوجية الشمسية في القطب الشمالي. وأعلنت جامعة شيكاغو هذا الشهر إنشاء مبادرة هندسة النظم المناخية للشراكة مع المختبرات الوطنية لاستكشاف هذه الاستراتيجيات وغيرها. لكن هل يجب علينا دراسة الهندسة الجيولوجية على الإطلاق؟ دعا أكثر من 400 من كبار علماء وباحثي المناخ من جميع أنحاء العالم إلى إبرام اتفاقية دولية لعدم استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية. إذا تم طرح مثل هذه الاتفاقية أمام الأمم المتحدة، فقد يؤدي ذلك إلى حظر الأبحاث الواقعية حول هذه التكنولوجيا.
بغض النظر، حاول المدافعون جذب الحكومات الأفريقية من خلال عرض تمويل المشاريع البحثية، زاعمين أن المزيد من الأبحاث ستلقي مزيداً من الضوء على مخاطر وفوائد التكنولوجيا. وتقول إحدى هذه المنظمات إن مهمتها هي وضع «البلدان النامية في مركز» النقاش حول إدارة الإشعاع الشمسي (أو التحكم في الإشعاعات الشمسية). لكن يبدو أن هذه مجرد طريقة لمحاولة جعل أفريقيا حقل اختبار لتكنولوجيا غير مثبتة.
تشوكوميرجي أوكيريكي*
*مدير مركز تغير المناخ والتنمية في جامعة أليكس إيكويمي الفيدرالية في نيجيريا.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»