التشاؤم بشأن المدارس العامة الأميركية عميق ومتجذر، ولكنه تكرس أكثر مع أحدث الاختبارات الفيدرالية التي أظهرت انخفاضاً حاداً في التحصيل بين الأطفال في سن التاسعة بسبب الوباء. غير أن ذلك لا يعني أن القرّاء محقون حين يقولون لي، إن التعليم الأميركي يزداد سوءاً منذ عقود. فبعض الأشخاص الذين في سني يقولون ذلك؛ لأن لدينا ذكريات دافئة، ولكن فضفاضة، عن أيامنا حين كنا طلاباً على مقاعد المدرسة. والحقيقة هي أنه قبل وصول «كوفيد - 19»، كانت مدارسنا تتحسن باطراد على مدى قرابة نصف قرن. 
الأستاذ بجامعة باكينغهام إم. دانيش شكيل والأستاذ بجامعة هارفرد بول إي. بيترسون نشرا مؤخراً دراسة عن معدلات القراءة والرياضيات الأميركية تُظهر تحقيق مكاسب مهمة بين 1971 و2017، حيث نمت معدلات الرياضيات بما يعادل أربع سنوات تقريباً من التعلم، بينما نمت معدلات القراءة بما يعادل سنة واحدة تقريباً من التعلم خلال تلك الفترة.
كما وجد العالمان، اللذان كتبا بدورية «إيديكيشن نيكست» استناداً إلى مقالهما الأخير في دورية «إيديكيشيونال سايكولوجي ريفيو» والذي يقع في 87 صفحة، أن الطلبة السود واللاتين والآسيويين تحسّنوا بشكل أسرع من زملائهم البيض في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية. 
غير أن بعض التقارير حول المدارس الأميركية تترك انطباعاً مختلفاً. وفي هذا الإطار، يشير «شكيل وبيترسون» إلى كتب من قبيل «تراجع الذكاء في أميركا» الصادر في 1994 لمؤلفه سيمور إيتزكوف و«الجيل الأغبى» الصادر عام 2008 لمؤلفه مارك بوارلين. هذان المؤلفان يحاججان بأن الشباب الأميركي بدأ يفشل في تطوير المعرفة والمهارات الأساسية بسبب الأجهزة الإلكترونية وتأثيرات سيئة أخرى. وأخبرني بوارلين بأن المشكلة الكبرى تكمن في عدم وجود تحسن كبير في المدرسة الثانوية، التي لا تستطيع معالجة مشكلة الساعات الطويلة التي يقضيها المراهقون على الشاشات في أوقات الفراغ. 
ويشير شكيل وبيترسون إلى أن ازدياد التحصيل خلال نصف القرن الذي قاما بدراسته مردّه إلى تحسن مستوى المعيشة إضافة إلى تحسن مستوى التعليم. وبالتوازي مع ذلك، كان البحث يعيد النظر في فهمنا للتغيرات في حجم ذكائنا. 
ففي الماضي، يقول العالمان، كان يُعتقد أن الذكاء الذي يقاس بـ«اختبارات الذكاء» هو «ثابت محدَّد جينياً لا يتغير إلا على مدى أزمنة طويلة». ولكن في منتصف الثمانينيات، وجد عالم السياسة النيوزيلندي جيمس فلين أن نتائج اختبارات الذكاء تتزايد بثلاث نقاط في كل عشر سنوات. وفي هذا الصدد، يقول شكيل وبيترسون معلقاً: «على الرغم من أن عمل فلين قوبل بالتبخيس في البداية باعتباره تأويلاً مبالغاً فيه لمعلومات محدودة، إلا أن نتائجه كررها كثيرون». 
هذا النمو في متوسط الذكاء كان مصحوباً بتضييق لهوة التحصيل بين المجموعات الإثنية وفئات الدخل في الولايات المتحدة، كما يقولان. فخلال نصف القرن الذي درساه، قُلِّصت الهوة بين الطلبة السود والبيض في كل من القراءة والرياضيات بالنصف. وكانت أكبر المكاسب بالنسبة للأطفال السود هي تلك التي حققوها في المدرسة الابتدائية، مكاسب تواصلت في المدرسة الإعدادية، وحدثت بشكل مقلّص خلال المدرسة الثانوية. 
وفي هذا السياق، قال شكيل وبيترسون: «قد يعزى ذلك إلى تغييرات مفيدة تعليمياً في دخل الأُسرة، وتعليم الوالدين، وحجم الأُسرة داخل مجتمع السود»، مضيفين «وقد تكون هناك عوامل أخرى مساعدة، مثل القضاء على الفصل العنصري في المدارس، وقوانين الحقوق المدنية، والتدخلات المبكرة، مثل «هيد ستارت»، وغيرها من برامج مرحلة ما قبل المدرسة (الموجهة للأطفال ما بين 3 و5 سنوات)، والتعليم التعويضي للطلبة المنحدرين من أسر محدودة الدخل».
وأشار العالمان إلى أن معدلات الرياضيات تحسّنت أكثر مقارنة مع القراءة خلال نصف القرن الذي درساه بسبب معدلات مختلفة للتغيير في أنواع مختلفة من الذكاء. فقد وجد تحليل لـ271 دراسة لمعدل الذكاء نشره الباحثان النمساويان جاكوب بيتشنيغ ومارتن فوراجيك في 2015 أنه خلال القرن السابق، نما «التفكير السائل»، الذي يشمل الرياضيات، أكثر من «المعرفة المتبلورة»، التي تشمل القراءة. وقد تكون عوامل مثل تحسن التغذية وتراجع التعرض للأمراض المعدية بين الأمهات والأطفال الرضع على مدى المئة عام الأخيرة، ساهمت في إعطاء«التفكير السائل» هذه الدفعة. 
وهناك علاقات أخرى ممكنة بين حالة كوكبنا وأدائنا في الصف الرابع. وعلى سبيل المثال، فإن فقدان التعلم خلال الجائحة قد يكون مرتبطاً بعوامل تسببت في تباطؤ عالمي في النمو الفكري خلال الحرب العالمية الثانية، كما يقول شكيل وبيترسون. ذلك أن تلك الحرب الضخمة، يتابع الكاتبان، تسببت في «إغلاقات المدارس واضطراب في التقدم الاقتصادي والاجتماعي على الصعيد العالمي».
وإجمالاً، كان نصف القرن الماضي جيداً للمدارس في الغالب الأعم، حتى وإنْ كنا غير واثقين بشأن أسباب ذلك. والآن يجب على شكيل وبيترسون والباحثون الآخرون الكثيرون الذين نعتمد عليهم الانتظار لرؤية السرعة التي سنتعافى بها من الخسائر التعليمية التي تكبدناها بسبب فيروس كورونا. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»