شركات التكنولوجيا ومشروع قانون الشفافية
قد تضطر شركات التكنولوجيا، بما في ذلك يوتيوب وتيك توك وفيسبوك، إلى تقديم بيانات أكثر إلى باحثين من الخارج بموجب مقتَرح قانون مهم تقدم به الحزبان الرئيسيان (الجمهوري والديمقراطي) رسمياً قبل أيام قليلة من نهاية العام 2022. وسيتطلب «قانون شفافية ومساءلة المنصات» المقترح أن توفر المنصاتُ الرقمية بيانات لتحصل عليها المشروعات البحثية المعتمدة من الوكالات الاتحادية، أو مواجهة الخضوع للمساءلة. والسناتور الديمقراطي كريستوفر أ. كونز (عن ولاية ديلاوير) والسناتور الجمهوري روب بورتمان (عن ولاية أوهايو) هما الراعيان الرئيسيان لمشروع القانون. وقد طُرح مشروع القانون لأول مرة كمسودة للمناقشة في ديسمبر 2021، وهو يمثل أحدَ أكثر محاولات الكونجرس جديةً حتى الآن لإلقاء الضوء على الأعمال الداخلية لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تواجه شبكاتُها المترامية الأطراف (لكن الغامضة في كثير من الأحيان) تدقيقاً متزايداً بشأن تأثيرها على المجتمع.
وبموجب مشروع القانون، تقوم المؤسسة الوطنية للعلوم بمراجعة مقترحات البحث «المؤهَّلة» وإعطاء الضوء الأخضر لها، شريطة أن تفي بضمانات الخصوصية والأمن التي وضعتها لجنة التجارة الاتحادية. والتقاعس عن عدم الالتزام قد يؤدي إلى فقدان الشركات حمايةَ مسؤوليتها بموجب القسم 230 أو مواجهة اتهامات بممارسة تجارية مخادعة وغير نزيهة. ويمهد الاقتراحُ كذلك طريقاً للمنصات والباحثين للحصول على الحصانة أثناء مشاركة بيانات المستخدم التي يأمل المشرعون أن تخفف المخاوف من احتمال حدوث انتكاسات قانونية. ويتطلب الأمرُ في جانب آخر أن تفصح شركات التكنولوجيا بانتظام عن البيانات العامة المتعلقة بالمحتوى شديد الانتشار وشروط التدخل والإعلان الرقمي. وذكر السناتور كونز أن مشروعَ القانون «سيمكّن الأكاديميين والباحثين المستقلين من النظر تحت غطاء محرك السيارة ومعرفة الآلية التي تحرك منصات وسائل التواصل الاجتماعي هذه ومدى ضررها الفعلي على نحو ما».
صحيح أن فحوى المسودة الأصلية لم يتغير، لكن المشرّعين عدّلوا التشريعَ لتوسيع مجموعة الباحثين المؤهَّلين، ولجعل عملهم سلساً، وعززوا حمايةَ الخصوصية. وإليكم البنود الرئيسية في المسودة الجديدة.
فهي تتيح للباحثين العاملين مع المنظمات غير الهادفة للربح، وأيضاً الباحثين في الجامعات، فرصةَ التقدمَ بطلب الحصول على بيانات من الشركة. ولم تعد مسودة القانون تتطلب من لجنة التجارة الاتحادية إنشاءَ مكتب جديد للإشراف على برنامج البحث، مما يمنح الوكالة مزيداً من الحرية في التنفيذ. وترفع مسودةُ القانون الحدَّ الشهري الأدنى للمستخدمين الذي يتعين على المنصة بلوغه من 25 مليوناً إلى 50 مليوناً. وهذا الحد المرتفع ما زال ينطبق على معظم الشبكات الاجتماعية الرئيسية. ويوسع مشروعُ القانون نطاقَ الشركات ليشمل صراحة «الواقع المعزز أو الافتراضي»، مما قد يساعد على مد صلاحيته في المستقبل. ويضع حدوداً جديدةً للخصوصية على ما يستطيع باحثو البيانات طلبَه من خلال استبعاد الرسائل المباشرة أو الخاصة أو البيانات البيومترية أو بيانات تحديد الموقع الجغرافي.
وذكر السناتور كونز، وهو حليف مقرب من الرئيس بايدن ورئيس اللجنة القضائية الفرعية للتكنولوجيا والخصوصية في مجلس الشيوخ، أنه يعتزم السعيَ لإقرار مشروع القانون ووصوله إلى مكتب الرئيس في الكونجرس المقبل. ووصفه كونز بأنه «اقتراح للوسط» قد يساعد صانعي السياسة في تحويل «الآراء حول وسائل التواصل الاجتماعي» وتأثيرها على المستخدمين إلى «حقائق» يمكن تنفيذها. والسناتورة الديمقراطية إيمي كلوبوشار والسناتور الجمهوري بيل كاسيدي من الرعاة المشاركين. وفي السنوات القليلة الماضية، عبَّر مشرعون عن قلقهم المتزايد من احتمالات أن تؤدي المنصاتُ الرقميةُ الرئيسيةُ إلى مفاقمة مشكلات الصحة العقلية والمساهمة في الاستقطاب السياسي، مما جعل البعض يحث الكونجرس على التدخل بسرعة ووضع قواعد جديدة يلتزم بها عمل الإنترنت. وعبَّر السناتور كونجز عن احترامه لـ«زملائي الذين يقولون: لسنا بحاجة لدراسة هذا إلى ما لا نهاية. نحن بحاجة إلى البدء في العمل. ما زلتُ أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من المعلومات. بالنسبة لي، هذا ليس إما أو».
ويرى السناتور كونز أن الحصول على المزيد من البيانات قد يساعد المشرِّعين أيضاً على «تأمين دعم واسع من الحزبين للعمل التشريعي»، بما في ذلك مشروعات قوانين التقنية التي لم تحصل بعد على ما يكفي من الدعم القوي لإقرارها. ويتزايد ما تواجهه جهود مؤسسات الإدارة من عقبات قانونية في تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي. وتشهد المحاكمُ نزاعاتٍ شائكةً حول كيفية تفسير المعايير القانونية القديمة في عصر الإنترنت وتطبيق قواعد رقمية جديدة. ومن المقرر أن تنظر المحكمةُ العليا في قضيتين كبيرتين فيما يتعلق بالقسم 230، وهناك تحديات قانونية قائمة للوائح النظام الأساسي في كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا.
ويعتقد كونز أنه «إذا شعر قضاؤنا بالمزيد من الثقة في أن التشريع الذي نقوم به قائم على معلومات جيدة، فإن لدينا فرصة أفضل لمقاومة الطعون أمام المحكمة». وأشار كونز إلى استحواذ إيلون ماسك على موقع تويتر الذي كان يُنظر إليه على أنه رائد في مجال مشاركة البيانات مع الباحثين، باعتبار ذلك «حدثاً تنبيهياً» إلى كيفية تغيير نهج الشركة تجاه الشفافية دون مزيد من القواعد الملزمة. ومضى كونز يقول: «تويتر كان المنصةَ الوحيدة الشفافة نسبياً، وقد قامت ببعض الاستثمارات والجهود حول القواعد الملزمة والمساءلة وبتطبيق الشفافية في بعض مقاييسها.. لكن كل هذا نسفه تغييرُ الملكية».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»