«داعش».. ضربة جديدة وأزمة قيادة
ضربة أخرى موجعة تلقاها تنظيم «داعش» حين أعلن عن مقتل زعيمه أبو الحسن الهاشمي القرشي أثناء المعارك، دون أن يشير إلى مكان أو توقيت مقتله.
وقد شكل هذا الإعلان لغزاً سعت الولايات المتحدة إلى حله حين أعلنت أن القرشي قتُل في منتصف شهر أكتوبر الماضي بمدينة جاسم بمحافظة درعا السورية على يد من أسمتهم عناصر «الجيش السوري الحر».
هذه الضربة تضاف إلى مجموعة من الضربات الشديدة القسوة التي تلقاها التنظيم في السنوات الأخيرة، وأولها هزيمته في العراق عام 2017 ثم في سوريا عام 2019. وثانيها نجاح قوات أميركية في أكتوبر 2019 في استهداف أبو بكر البغدادي زعيم التنظيم، الذي كان له دور كبير في تمدده وانتشاره في سوريا والعراق. وثالثها مقتل أبو إبراهيم القرشي، الذي خلف البغدادي، في عملية أميركية على الأراضي السورية في فبراير 2022.
ورابعها إعلان البيت الأبيض في يوليو 2022 استهداف ماهر العقال، أحد أبرز القادة الخمسة من قيادات التنظيم. هذا النجاح في استهداف قادة تنظيم «داعش»، يؤكد أن جهود مواجهة التنظيم تحقق نجاحاً ملحوظاً في الحد من فاعليته ومن قدرته على التأثير، وخاصة أن القضاء على هؤلاء القادة يعطل خطط التنظيم ويدخله في حالة - ولو مؤقتة - من عدم الثقة في ظل اتضاح سهولة اختراقه واستهداف زعمائه، ناهيك عن أن مقتل هؤلاء القادة كفيل بتغذية أي خلافات مكتومة، فقد انتظر التنظيم نحو شهر ونصف الشهر ليعلن عن مقتل الهاشمي القرشي، وليسمي زعيماً جديداً هو أبو الحسين الحسيني القرشي، ما يشير إلى وجود أمور مستعصية وخلافات داخل الحلقات الضيقة للتنظيم، من بينها بالتأكيد اسم «الخليفة» الجديد.
فبرغم أن التنظيم أثبت في مرات سابقة أن لديه من الكوادر مَن يمكن أن يتولى القيادة، فيبدو أنه قد واجه صعوبة هذه المرة، إذ لا يُعرف الكثير عن أبو الحسين الحسيني وعن قدراته وخبراته السابقة، حتى أن التنظيم لم يجد ما يقوله عنه سوى وصفه بـ «المجاهد المخضرم»، وهو ما يوحي بأن التنظيم بات يواجه ما يعرف بـ «أزمة القيادة».
وبرغم نجاح جهود استهداف قادة التنظيم، فإن ذلك لا يعني أن القضاء على التنظيم بات قريباً. صحيح أن «داعش» يعاني ضعفاً واضحاً في مناطقه التقليدية في سوريا والعراق، لكنه في الوقت نفسه نجح في تأسيس فروع له في أفريقيا وآسيا استطاعت أن تشكل رقماً مهماً في أماكن وجودها، الأمر الذي يؤكد أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود في مواجهة الإرهاب عموماً، فإلى جانب الجهود الأمنية تبرز الحاجة إلى جهود أخرى تصب في تجفيف منابع البيئة التي تنمو فيها جماعات التطرف والإرهاب، من خلال تحقيق الاستقرار والتنمية في مناطق الصراعات والأزمات، ونشر الوعي بخطورة الأفكار التي تروجها جماعات التطرف والإرهاب.
مركز تريندز للبحوث والاستشارات