تغير المناخ.. تحدٍ عالمي مُلح
مع اقترابنا من النهاية الرسمية للصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مازال الجفاف يخيم على مناطق كثيرة.
فهناك جفاف في أحواض البحيرات في جنوب غرب الولايات المتحدة، وأنهار أوروبا تراجعت مناسيب المياه في مجاريها، وظهرت فيها أمام الجمهور السفن الحربية التي كانت تغطيها المياه ذات يوم. وفي النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، أدت قلة الأمطار إلى أوضاع تتفاقم في القرن الأفريقي.
وتواجه تشيلي عامها الثالث عشر على التوالي من الجفاف. وأثار كل هذا مخاوف متزايدة بشأن كيفية تأثير تغير المناخ على قدرة المناطق على مواصلة الإنتاج الزراعي التقليدي واستدامة إمدادات المياه. لكن هذه المخاوف تركز من جديد أيضا على مساعي التصدي للمشكلة. وترى ريبيكا كارتر، من معهد الموارد العالمية بواشنطن أن «حالات الجفاف، إلى جانب الأنواع الأخرى من تأثيرات تغير المناخ، أصبحت بالفعل أكثر حدة وأكثر تواتراً وأطول أمدا»، ليس بالضرورة في جميع المناطق لكن بشكل عام. واستشهدت «كارتر» باتفاق آراء علماء المناخ العالمي.
وكتب «إبراهيم ثياو»، السكرتير التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، هذا الصيف، يقول: إن كلا من التجربة الحديثة والتقييمات العلمية «يجب أن تنقل إحساساً بالإلحاحية، وتدفع الجميع لبناء القدرة على الصمود أمام مخاطر الجفاف في المستقبل».
وفي اجتماعات الأمم المتحدة الأسبوع الماضي في نيويورك، تتمثل إحدى أولويات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في حشد التأييد لأنظمة إنذار مبكر موسعة تستهدف حماية كل شخص على وجه الأرض من ظروف مثل الجفاف وموجات الحرارة والفيضانات.
وتصف «كارتر» التي تقود مسعى الصمود أمام التغير المناخي في معهد الموارد العالمية هذا بأن ذلك «خطوة أولى مهمة حقا» تحتاج لمتابعة فيما بعد. وترى كارتر أنه بالنسبة للمزارعين، فقد تتمثل المبادرات التالية في توفير بذور تتحمل الجفاف والمزيد من التأمين ضد خسارة المحاصيل، بل وحتى تغيير المكان الذي يزرعون فيه في المقام الأول. ومضت كارتر تقول: إن الناس يحتاجون «لوقت لمعرفة ما سيعنيه ذلك بالنسبة لهم، بدلا من الانتظار حتى تقع الأزمة ثم توقع أن يتمكن الناس من تغيير ذلك بسرعة». ومن المزارع إلى المدن في جميع أنحاء العالم، هناك حاجة إلى خطوات جديدة لإدارة المياه في مجالات كثيرة. وتشير كارتر، وهي تنتمي إلى توكسون بولاية أريزونا، إلى حوض نهر كولورادو كمثال رئيسي يتعين فيه على الولايات الآن إعادة التفكير في الافتراضات القديمة حول استخدام المياه. والمشكلة الملحة الآن هي أن الطاقة الكهرومائية تنضب أيضا حين تنخفض المياه وراء السدود.
وقد تساعد بعض الإجراءات في التكيف مع تغير المناخ وإبطائه. فالأراضي التي تنحسر فيها الغابات والغطاء النباتي أكثر عرضة لطغيان المياه عليها وتدهور التربة وتفاقم الفيضانات والجفاف عند حدوثها. وتؤكد كارتر أن إعادة زرع أشجار الغابات يمثل حلا قائما على الطبيعة بوسعه بناء القدرة على الصمود والتخفيف أيضا من حدة آثار تغير المناخ، «لأن هذه الأشجار تخزن الكربون».
وفي تقرير للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام، صرح ثياو قائلاً: إن «أحد أفضل الحلول وأكثرها شمولاً هو استصلاح الأراضي، فهذا يعالج عوامل أساسية كثيرة من تدهور دورات المياه إلى فقدان خصوبة التربة». وأشار إلى فرص الدول في الانتقال من إجراءات«رد الفعل» أو«بناء على الأزمات» إلى التخطيط والسياسات والشراكات طويلة الأمد.
*كاتب متخصص في الاقتصاد والشؤون المناخية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»