استحوذت وفاة الملكة إليزابيث على عناوين الصحف هذا الشهر، ولا غرابة في أن يتراجع الاهتمام بالأخبار الأخرى، خصوصاً الواردة من بريطانيا، لإظهار الإجلال لعهدها أو لتحليل وضع هاري وميجان. لكن حتى في غمرة هذا الحدث الجليل، حُظيَّ خبرٌ واحدٌ من بريطانيا باهتمام كبير. فقد أعلنت ليز ترلس، رئيسة الوزراء المحافظة الجديدة، مجلس وزرائها، ولأول مرة على الإطلاق، لن يكون من بين دائرتها الضيقة –التي تمثل أعلى المناصب في الدولة – ولو رجل واحد من البيض. فوزيرة الداخلية، سويلا بريفيرمان، هي ابنة لأبوين هاجرا من كينيا والهند. ووالدة وزير الخارجية، جيمس كليفرلي، من سيراليون. ووزير الخزانة الجديد، كواسي كوارتنغ، هو ابن لوالدين هاجرا من غانا. 

لكن اليسار لن يصفق بحماس لهذه التعيينات ولن تنطلق التغريدات على تويتر تبشر بأن هذا التنوع والعرقي وفي النوع الاجتماعي خطوة للأمام. بدلاً من ذلك، جرى استقبال التغيير، بتحذيرات. فصحيفة «الجارديان» تذكر بأن «مجلس وزراء ليز تراس: متنوع لكنه عقائدي». وتعرض أعضاء الفريق الجديد للانتقادات باعتبارهم نخبةً من خريجي جامعات كبرى مثل إيتون وكامبردج والسوربون. وأشار آخرون إلى أن هؤلاء ليسوا من الطبقة العاملة، ولا يدعمون حقوق الساعين للجوء في بريطانيا أو السياسات التي تعالج تغيّر المناخ. 
وصف سندر كاتوالا، مدير مركز أبحاث المستقبل البريطاني، الذي يركز على قضايا الهجرة والتكامل والهوية الوطنية، هذه الاختيارات في تعليق لتلفزيون «سي. إن. إن» بأنها لا تعكس تقدماً على مستوى الطبقة الاجتماعية، وإنما هي اختيار لأشخاص من ذوي الجدارة، «الذين حققوا أداءً جيداً في التعليم والقانون والأعمال». 
ورغم أن الجدارة هي الاعتبار الأساسي في التوظيف عادة، لكن بعض الناس يرون أن الأنظمةَ التي تمنحها أنظمة مزيفة، خصوصاً فيما يخص الأقليات. ففي محاولة لتصحيح هذا الاختلال ولتنويع القوى العاملة، خاصة في المناصب القيادية، أصبح شائعاً في التوظيف - في عالم الشركات والمنظمات غير الهادفة للربح، كما هو الحال في الحكومة – أصبح التنوع العرقي عاملاً أكثرَ أهميةً. 
تكمن المشكلةُ بالنسبة لكثير من الناس في أن التنوع العرقي لا يعوَّل عليه إلا إذا اقترن بوجهة نظر معينة. كتب «حزب العمال» المعارض على تويتر، قبل أن تنتهي «تراس» من تشكيل حكومتها: «من المتوقع أن يكون مجلس الوزراء متنوعاً، لكنه سيكون الأكثر يمينية في الذاكرة، سيتبنى برنامجاً سياسياً يهاجم حقوق العاملين، وخاصةً الأقليات». وكتب نائب عمالي: «في هذا البلد، لا يكفي أن تكون سياسياً من السود أو من أقلية عرقية أو عضواً في مجلس الوزراء. هذا ليس ما يدور حوله التمثيل. في الواقع تلك مسألة رمزية». 
المغزى، هنا هو أن هناك طريقة واحدة فقط لتمثيل العرقيات والمرأة تمثيلاً حقيقياً، وبغيرها يكون التمثيل مزيفاً. لستُ متحيزةً سياسياً لتراس في معظم القضايا. وليس هذا هو الفريق الذي كنتُ سأختاره لقيادة بلد يترنح بعد جائحة «كوفيد-19»، وأزمة الطاقة وكوارث بوريس جونسون والخروج من الاتحاد الأوروبي. 

لكن من حق تروس توظيف أشخاص تتفق معهم أيديولوجياً ويدعمون سياساتها. ويجب أن نفترض أن هؤلاء الذين عينتهم انضموا إليها عن طيب خاطر وباقتناع. ومن المؤكد أنهم، مثل جميع الأقليات العرقية، قادرون على التفكير باستقلالية وأن أفكارهم متنوعة مثلهم مثل البيض. كما أنهم ليسوا أول منتمين للمحافظين من الأقليات يشغلون أعلى مناصب في بريطانيا. ورغم أن العداء للسامية واسع النطاق بين المحافظين، فإن بنيامين دزرائيلي، أول رئيس وزراء يهودي لبريطانيا، جاء من هذا الحزب. والنساء الثلاث اللاتي شغلن المنصب -مارجريت تاتشر وتيريزا ماي والآن ليز تراس- هن أيضاً من حزب المحافظين.
لا يؤيد جميع الناخبين السود أو المنتمين لأقليات عرقية في بريطانيا اليسار. وقد ذهبت نسبة 20 بالمائة من أصواتهم إلى المحافظين في انتخابات 2019. وهناك تنوع مماثل في الآراء السياسية بين الأقليات في الولايات المتحدة، وهذا أمر مربك لليسار. هناك عدد متزايد من المنحدرين من أصول لاتينية يترشحون عن الحزب الجمهوري ويصوتون لمرشحي الحزب. وقد حصل دونالد ترامب على أصوات من الأقليات العرقية في انتخابات 2020 أكثر من الأصوات التي حصل عليها في انتخابات 2016. وزاد تأييد السود لترامب 6 نقاط مئوية في تنافسه للفوز بفترة ولاية ثانية. وكان ذلك بعد مقتل جورج فلويد، وهو حادث كان من المفترض أن يدفع العديد من الناخبين السود للتصويت لليسار. 
في كتابه الصادر عام 1991، انتقد أستاذ القانون ستيفن كارتر العديدَ من الافتراضات حول التنوع، وكانت وليدةَ ذلك الوقت، بما فيها فكرة أنه من المتوقع أن تفكر الأقليات العرقية كجماعة، وليس كأفراد. لقد انتقد «فكرة أن السود الذين يتولون مناصب أو لديهم نفوذ عليهم مسؤولية خاصة في شرح الآراء المفترضة لأشخاص آخرين من السود». 
مرت عقود ثلاثة على كتاب كارتر، لكن الافتراض الذي يبعث على الأسى اكتسب مزيداً من الرواج. ومثلما أشار هو آنذاك فإنه «في حقبة سابقة، ربما جرى وصف هذه المشاعر على أنها عنصرية صريحة. لكنها باتت تقريباً الآن إنجيلاً للأشخاص الذين يرغبون في إظهار التزامهم بالمساواة». ويبدو غريباً أن نشير في عام 2022 إلى أن باطن التوظيف «المتنوع» قد يكون غير ظاهره. نحتاج على ما يبدو إلى التذكير باستمرار بأن هناك ما هو أكثر مما تراه العين وأنه في المجتمعات متعددة الثقافات، يجب أن يكون قبول التنوع أعمق ولا يكتفي بالظاهر على السطح.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»


Canonical URL: https://www.nytimes.com/2022/09/17/opinion/liz-truss-diversity.html