العبء المناخي لتكييفات الهواء
هذا الأسبوع، تلقى سكان كاليفورنيا تذكيراً بواحدة من أكثر المفارقات المحيرة للاحترار العالمي. فمع ارتفاع درجات الحرارة عن 110 درجة فهرنهايت (43 درجة مئوية تقريبا) في بعض المناطق في الأيام القليلة الماضية، تلقى مئات الآلاف من سكان الولاية تنبيهات نصية تبلغهم بأن شبكة الكهرباء التي تعاني من إرهاق تحت وطأة ملايين وحدات تكييف الهواء على وشك الانهيار. فقد حذر النص بأنه إذا لم توفر الطاقة الآن ستواجه انقطاع التيار الكهربائي مرات. والتزم المستهلكون، واجتازت شبكة الكهرباء في الولاية يوما حارا حطم الرقم القياسي بسلام نسبي. ومع ذلك، مع ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، سيحتاج المزيد من الناس إلى تركيب مكيفات الهواء. لكن وحدات التكييف بشكلها الحالي قد تجعل الاحتباس الحراري أسوأ في الأيام الحارة. فهي تمتص أطنانا من الكهرباء من الشبكة ومواد التبريد فيها قد تسرع بخطى ظاهرة الاحتباس الحراري.
وهذا هو السبب في أن الباحثين والشركات الناشئة يأملون في إنتاج وحدات تكييف جديدة ومتطورة. ويرى أنكيت كالانكي، مدير شركة «ثيرد ديرفاتف» لتكنولوجيا المناخ التي شارك في تأسيسها مركز «آر. إم. أي.» لأبحاث الطاقة، أن تكنولوجيا تكييفات الهواء شهدت «تحسينات تدريجية على مدار المئة عام الماضية». والخبر السار هو أن الشركات تسرع في تطوير أجهزة تكييف أكثر كفاءة. والمسألة تتعلق بمدى جاهزيتها في الوقت المناسب. فخلال العقود القليلة القادمة، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على أجهزة تكييف الهواء. وذكرت وكالة الطاقة الدولية أن عدد وحدات التكييف في المباني في جميع أنحاء العالم سيصل إلى 5.6 مليار بحلول عام 2050، ارتفاعاً من نحو 2 مليار وحدة فقط اليوم.
لكن ما لم يتم تجديد كفاءة تكييف الهواء، فإن كل تلك التكييفات ستضع ضغطًا غير مسبوق على شبكة الكهرباء. وتمثل مكيفات الهواء والمراوح الكهربائية بالفعل ما يقرب من 10% من استهلاك الكهرباء في جميع أنحاء العالم. وفي الأيام شديدة الحرارة، تتقلص كفاءة مكيف الهواء، حيث يتعين على الوحدات العمل بقوة أكبر لنقل الحرارة من الداخل إلى الخارج. وخلال موجة الحر، يعود ملايين الأشخاص إلى منازلهم ويقومون بتشغيل أجهزة التكييف في وقت واحد، في فترة تمتد عادة من الساعة 4 إلى 9 مساء. وحين يحدث هذا، قد يمثل تكييف الهواء نسبة هائلة من 60% إلى 70% من الطلب على الكهرباء، ويضغط بشدة على الشبكات مثل شبكات كاليفورنيا. وفي الوقت نفسه، فقد ظل المكون الرئيسي لمكيفات الهواء الحديثة – مواد التبريد الكيميائية- يمثل لعنة على الغلاف الجوي لعقود. وتعمل مكيفات الهواء عن طريق تعريض المادة المبردة السائلة- وهي مادة كيميائية تصل الغليان في درجة حرارة منخفضة- للهواء الداخلي الساخن. وهذه الحرارة تتسبب في تبخر المادة المبردة إلى غاز، مما يؤدي إلى تبريد الهواء. ثم يحول المكبس المادة المبردة مرة أخرى إلى سائل وتتكرر العملية.
وتكمن المشكلة في أن مواد التبريد قد تتسرب من مكيفات الهواء أثناء الاستخدام، وبشكل أكثر شيوعاً عند التخلص من أجهزة التكييف. وصُنعت مكيفات الهواء المبكرة إلى حد كبير من مركبات الكلوروفلوروكربون المسؤولة عن أحد أول مخاوف المناخ العالمي حقاً، وهو الثقب في طبقة الأوزون. وتم التخلص التدريجي من مركبات الكربون الكلورية الفلورية بموجب بروتوكول مونتريال لعام 1987، وهو معاهدة دولية لمعالجة ثقب الأوزون، واستبدلت في النهاية بمركبات الكربون الهيدروفلورية. لكن مركبات الكربون الهيدروفلورية لها مشكلتها الخاصة، فهي غازات دفيئة، على المدى القصير، أقوى بآلاف المرات من ثاني أكسيد الكربون. واستهدف تعديل لبروتوكول مونتريال خفض مركبات الكربون الهيدروفلورية بشكل كبير بحلول منتصف الأربعينيات من القرن الحالي.
وهناك طرق لجعل تقنية تكييفات الهواء الحالية أكثر كفاءة. فبعض وحدات التكييف الأحدث تستخدم مواد تبريد مختلفة، مثل تلك المعروفة باسم R-32 والتي تتمتع بقدرة أقل على التسبب في ارتفاع حرارة كوكب الأرض مقارنة بمركبات الهيدروفلوروكربون الأخرى، ويحتاج كبسها طاقة أقل وبالتالي توفر الكهرباء. وتستخدم وحدات أخرى تقنية تُعرف باسم «مكابس السرعة المتغيرة» والتي تسمح للوحدة بالعمل على إعدادات مختلفة. فالمكبس قد يصبح أسرع إذا بلغت درجة الحرارة 100 فارنهايت (نحو 38 درجة مئوية) وأصبح الجو قائظاً، أو يبطئ إذا كانت درجة الحرارة 85 فارنهايت (29 مئوية) فقط. ويساعد ذلك في توفير فواتير الكهرباء. وهناك نماذج أكثر تقدما أصبحت قريبة للغاية. وكان كالانكي أحد رواد مبادرة في «أر. إم. أي» التي تُعرف باسم جائزة التبريد العالمية، والتي تكافئ الشركات المصنعة التي يمكنها إنتاج نماذج أولية للمكيفات تكون على الأقل خمس مرات أفضل للمناخ من النماذج الحالية. وحصلت شركتان على الجائزة معا وهما شركة «جري» للأجهزة الكهربائية وشركة «دايكين انداستريز». واستخدمت كلتاهما تقنية ضغط البخار التقليدية لكن مع مواد تبريد أفضل وتصميمات ذكية يمكن أن تغير الإعدادات استجابة لدرجات الحرارة الخارجية.
وتبحث شركات أخرى وشركات ناشئة وباحثون إمكانية الاستغناء عن ضغط البخار تماما. وتستخدم شركة ناشئة تسمى «بلو فرونتيير» سائلا يمتص الرطوبة من الهواء ويخزنها في خزان للتحكم في درجة الحرارة. وذكرت الشركة أن هذا قد يوفر نحو 60% من الكهرباء المطلوبة لتشغيل مكيف الهواء على مدار العام. وقد طورت مجموعة من الباحثين في جامعة هارفارد نموذجا أوليا لتكييف الهواء أطلقوا عليه اسم «كولدسناب». ولا يستخدم النموذج الأولي مادة التبريد، ولكنه يستخدم طلاءً خاصاً على إطار من السيراميك لتبخير الماء لتبريد المساحة الداخلية دون إضافة الرطوبة إلى الهواء. وذكر جوناثان جرينهام، أحد الباحثين في المشروع «إننا لا نمتلك نظاماً لضغط البخار والطاقة في محاولة إطلاق وضغط مواد التبريد، فاستهلاك الطاقة لهذه الأنظمة أقل بكثير».
قد تستغرق بعض هذه التصميمات الجديدة سنوات للوصول إلى السوق، وحين تصل، فقد تكون أغلى من أجهزة التكييف التقليدية. لكن في الوقت نفسه، كما يقول كالانكي، ما زال هناك الكثير من الخيارات لشراء وحدة تكييف أكثر كفاءة. ومضى يقول: «هناك تقنيات أكثر كفاءة بما يتراوح بين مرتين وثلاث مرات من أجهزة التكييف الأكثر شيوعا في السوق اليوم. التحدي هو أن نسبة التبني منخفضة للغاية». ويجادل بأن معظم المستهلكين ينظرون فقط إلى السعر الملصق لوحدة تكييف الهواء، ويتجاهلون حقيقة أن شراء وحدة أكثر تكلفة مقدما يمكن أن يوفر لهم المال على المدى الطويل. ويوصي بأن ينظر المشترون إلى ثلاثة أشياء عند التفكير في وحدة تكييف الهواء: نوع مادة التبريد المستخدمة، وتقييم الكفاءة، وما إذا كانت الوحدة تحتوي على مكبس متغير السرعة أم لا. ويمكن لهذه المقاييس أن تخبر المستهلكين بشأن فواتير الكهرباء لوحدتهم التي قد تبلغ آلاف الدولارات ومقدار ما تتسبب فيه مفاقمة لا داعي لها لمشكلة تغير المناخ. وأضاف أنه في نهاية المطاف، يتعين على الحكومة وضع معايير أداء أكثر صرامة لمكيفات الهواء، بحيث تكون جميع أجهزة التكييف الموجودة في السوق وليس الأجهزة المتطورة فقط - فعالة وآمنة على كوكب الأرض. ومضى كالانكي يقول: «هناك لوائح معمول بها لإعادة الساحة لمكيفات الهواء. لكن هذه الساحة منخفضة بعض الشيء».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»