في الأسبوع قبل الماضي، ضرب زلزال شرق أفغانستان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص وإصابة 1600 آخرين، وهو الزلزال الأكثر دموية الذي شهدته البلاد منذ عقدين. في الأيام التي تلت ذلك، تعثرت جهود البحث والإنقاذ بسبب الأمطار والانهيارات الأرضية، مما أدى إلى إغلاق المدن والقرى أمام سيارات الإسعاف والمساعدات.
تُرك السكان ليخرجوا أحباءهم وممتلكاتهم من وسط الأنقاض، بينما فقد الأطفال والديهم بين عشية وضحاها. هذه سيناريوهات يحاول خبراء الذكاء الاصطناعي المتخصصون في إدارة الكوارث منعها. في السنوات الأخيرة، كانت هناك موجة من التكنولوجيا والأبحاث التي تحاول مساعدة الحكومات على التنبؤ والاستجابة بشكل أفضل للكوارث مثل الفيضانات وأمواج تسونامي والزلازل. يستخدم الباحثون خوارزميات التعلم العميق لغربلة ضوضاء المدينة بحيث يمكن جمع بيانات الزلازل بشكل أفضل.
تحلل الخوارزميات البيانات الزلزالية من الزلازل السابقة للتنبؤ بالزلازل في وقت مبكر وإخطار الناس بسرعة أكبر.
وحسب أحد باحثي الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد والمتخصص في الجيوفيزياء والزلازل: «يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي سريعاً جداً - يمكن أن يحذر الناس قبل حدوث الزلزال. حتى عشر ثوانٍ يمكن أن تنقذ الكثير من الأرواح». لكن لاحظ الباحثون أن الوضع في أفغانستان يُظهر التحديات الهيكلية التي يواجهها الذكاء الاصطناعي في الأماكن ذات البنية التحتية المتداعية.
ولمعرفة المزيد، أجرت «واشنطن بوست» حواراً مع مونيك كوجليتش، رئيسة مجموعة عمل مشتركة تابعة للأمم المتحدة تركز على الذكاء الاصطناعي لإدارة الكوارث الطبيعية، ومع أحد باحثي جامعة ستانفورد. رداً على سؤال حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالزلازل، قالت «كوجليتش»: إن هناك إمكانية للتنبؤ والتواصل في الوقت الفعلي باستخدام الذكاء الاصطناعي.هذا يعني اكتشاف حدث باستخدام تدفقات البيانات في الوقت الحقيقي، وتوقع ما سيحدث في الأيام أو الأسابيع أو الأشهر أو المواسم القادمة. هناك أيضاً التنبؤ أو المساعدة في التواصل من خلال نظام الإنذار المبكر أو نظام دعم القرار. باحث ستانفورد يرى أنه في السنوات الأخيرة، وباستخدام التعلم العميق والذكاء الاصطناعي المتقدم، توصلنا إلى نتائج واعدة في توقع اهتزاز الأرض والتنبؤ به. يمكن للتكنولوجيا أن تتنبأ بكثافة اهتزاز الأرض بناء على ما شهدته محطات المراقبة الزلزالية. وبالإمكان استخدام هذه الملاحظات للتنبؤ في غضون ثوانٍ بشدة الاهتزاز.
وبالنسبة لأفغانستان، فإنه نظراً لأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون سريعاً جداً، فإنه يمكن أن يوفر مزيداً من وقت التحذير للأشخاص، وزيادته إلى 20 ثانية، أو 30 ثانية إلى دقيقة.
ويمكن أن يكون التحذير مفيداً جداً في إنقاذ الأرواح، خاصة في حالات مثل أفغانستان، حيث كانت معظم المباني في منطقة الزلزال عبارة عن مبانٍ سيئة البناء تتألف من طابق واحد. وفي هذه الحالة، حتى 10 ثوانٍ يمكن أن تنقذ الكثير من الأرواح، لأنه يمكن للناس الهروب بسرعة. وقالت «كوجليتش» إنه في أفضل سيناريو، سنعلم مسبقاً أن حدثاً ما سيحدث. وعندما يقع الحدث، سيكون لدينا نظام إنذار مبكر حتى يتمكن الناس من الإخلاء في الوقت المناسب.
بمجرد وقوع الحدث، سيكون لدينا هذا النوع من أدوات دعم القرار ولوحات المعلومات في مكانها وروبوتات الدردشة التي من شأنها مساعدة المجتمعات على التعافي على الفور. وعن التحديات التي تواجه حلول الذكاء الاصطناعي في دول مثل أفغانستان، ربما لم تكن هناك فرصة كبيرة لتفعيل نظام إنذار مبكر لمواجهة الزلزال باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن المشكلة الرئيسية تكمن في أن أنظمة الإنذار المبكر هذه تستخدم إشارات حول المنطقة، لذا فهي تعتمد على عدد المحطات الزلزالية أو أجهزة الاستشعار الموجودة بالقرب من مركز الزلزال. وفي أفغانستان، من حيث جمع البيانات، تُظهر الأجهزة أن أقرب محطة زلزالية موجودة في تلك المنطقة في كابول، التي تبعد 150 كيلومتراً عن مركز الزلزال.
وأضافت كوجليتش أن التحدي الرئيسي يتمثل في توفر البيانات. وقالت إنه في هايتي لديهم 10 محطات رصد زلزالية عاملة، وهذا قليل للغاية بالنسبة لجزيرة تعرضت لبعض الأحداث الزلزالية المدمرة. بالتأكيد هناك أيضاً حاجة إلى وجود اتصالات مستقرة وتوافر بنية تحتية وكهرباء. هذا إلى جانب وجود قوة حوسبة لتشغيل هذه النماذج. أي شيء يمكننا القيام به لدعم تطوير مثل هذه البنية التحتية سيكون مفيداً للغاية لجميع المناطق، ولكن بشكل خاص تلك المناطق الأكثر تضرراً.
أما عن التحديات الأوسع نطاقاً التي تواجهها حلول الذكاء الاصطناعي للزلازل، فإن الأمر يتعلق بأن البيانات التي يتم استخدامها هي في الغالب غير موضوعية. من حيث الزلازل، من الصعب حقاً تحديد مكان حدوث الزلزال، والموقع، والقوة. والأدوات التي لدينا للقيام بذلك هي مجرد استنتاج باستخدام البيانات وبعض الأساليب التقليدية. وأضافت كوجليتش أن هناك بيانات حول الزلازل محدودة جداً. كما أن البيانات الآلية والسجلات الزلزالية والبيانات من الأجهزة تعود إلى 150 عاماً فقط، في حين أن دورة الزلزال الكاملة قد تستغرق آلاف السنين.
إننا نحتاج أساساً إلى بيانات تم جمعها على مدار آلاف السنين من أجل تصميم نموذج لزلزال. وهذا ليس متوفراً لدينا.
في أحسن الأحوال، يمكننا الحصول على بيانات تستند إلى علم الحفريات، وذلك عندما تنظر إلى ما يحدث في الرواسب وتستخدم ذلك لمعرفة عدد مرات حدوث الزلازل.
*كاتب متخصص في التكنولوجيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»