العنف المسلح.. مشكلة أميركية
إنها ليست مشكلة حضرية، بل مشكلة داخل المدينة، سواء كانت مدينة «ديمقراطية» (زرقاء) أم ولاية «جمهورية» (حمراء). قال صلاح زاباري، ضابط شرطة سابق ومرشح ليصبح عضواً في مجلس العاصمة، وهو وسط حشود تتدافع وتصرخ: «إنها مشكلة أميركية». كان ذلك هو المشهد ليلة الأحد في ممر «يو ستريت» التاريخي في العاصمة عندما قطعت الطلقات النارية احتفالاً بهيجاً بيوم جونتينث (الذي يحتفل فيه السود بتحرر العبيد) لثقافة السود والآباء الأميركيين وموسيقى جو-جو (نوع فرعي من موسيقى الفانك يركز على أنماط إيقاعية محددة). أصيب ثلاثة أشخاص، بينهم ضابط شرطة في العاصمة، وقُتل صبي يبلغ من العمر 15 عاماً.
لم يتم القبض على أحد. ولا أحد يتحدث عن الحلول، حيث تتأرجح البلاد بين الحديث عن إصلاح الشرطة وأعراض القضايا المنهجية الراسخة التي تتفجّر بشكل متزايد في أعمال العنف. ارتفعت جرائم العنف في العاصمة بنسبة 17% مقارنةً بهذا الوقت من العام الماضي، وأصبحت قضية رئيسية في الانتخابات المقبلة. كان الأميركيون بارعين في بث أفكارهم وصلواتهم صباح يوم الاثنين بعد رؤية تلك التقارير حول أعمال العنف في عطلة نهاية الأسبوع. نهز رؤوسنا في حالة من عدم التصديق ونهنئ أنفسَنا بشكل خاص على العيش في الضواحي، حيث تعد واشنطن العاصمة وشيكاغو ولوس أنجلوس وديترويت ونيوأورلينز هي عواصم القتل.
لكن هذه الصورة النمطية، التي تُطبق بشكل متكرر على المدن ذات الأغلبية السوداء، تجعلنا نفلت من الشعور بالمسؤولية، مع ترسيخ اعتقاد خاطئ بأن خياراتنا الفردية يمكن أن تحمينا مما أصبحنا عليه كدولة. وفي الوقت نفسه، تستمر مدن جديدة مثل أورورا ونيوتاون وباركلاند وبافلو وأورالدي.. في الانضمام إلى تلك القائمة. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، انضم سكان ضواحي فيرجينيا في تايسونز مول، حيث أصيب ثلاثة أشخاص في التدافع لتجنب الرصاص.
وفي الغرب، ظهر المشهد نفسه في شارع فريمونت في لاس فيجاس، حيث سارع اللاعبون إلى تجنب إطلاق النار الذي أصاب شخصين، مما أسفر عن مقتل شخص واحد. والآن، هل نحن مستعدون لبحث كيفية إيقاف هذا؟ وقبل أن نفعل، هل يمكننا أن نتفق على توصيف ما يحدث؟
إن الأمر لا يتعلق فقط بالأرقام، بل بالأحرى بفهم أن الذي يجري يمكن أن يحدث في أي مكان، وأننا نتعرض للإرهاب. هل كان وجود المزيد من رجال الشرطة سيساعد على تهدئة إطلاق النار في العاصمة؟ عندما تنظر إلى مقاطع الفيديو سترى أنه كان هناك العشرات من رجال الشرطة. وبعد حركة «أوقفوا تمويل الشرطة» إثر مقتل جورج فلويد، هل ما زلنا نرغب في وجود شرطي في كل زاوية؟يريد قائد شرطة العاصمة، «روبرت ج.كونتي الثالث»، 4000 شخص تحت قيادته، أي بإضافة 500 رجل على العدد الذي لديه الآن. لكن العدد الحالي في قسم شرطة المدينة، والمؤلف من حوالي 3500 شرطي، تقلص بسبب التقاعد والوباء. وصلتُ مع شخصين يعرفان تلك المنطقة (لكنهما نشآ في ضواحي العاصمة): مفوض الحي الذي يعيش هناك ويمثل المنطقة، وكازاباري، وهو ضابط شرطة سابق انخرط في أحداث مثل هذه خلال فترة ارتدائه للزي العسكري.
كلاهما يخوض الانتخابات التمهيدية المنتظرة. قالت سابل هاريس (32 عاماً)، مفوضة الحي الاستشاري لذلك الجزء من ممر يو ستريت في العاصمة: «أشار رئيس كونتي إلى وجود ما لا يقل عن 100 ضابط في الموقع بالفعل، لم يكن هناك المزيد من الضباط لمنع هذا العنف. أي مكالمات تقول إننا بحاجة إلى المزيد من رجال الشرطة هي تلاعب صارخ للتخويف وتُظهر أنها تأتي من خارج مجتمعنا». ويوافق كزاباري، 31 عاماً، على أن المزيد من الضباط ليسوا دائماً الحل لكل موقف. وهو يقول إن مستوى القوة منخفض ويحتاج إلى تعزيز.
لكن العمل على منع تلك المشاهد الكابوسية للعنف يبدأ قبل وقت طويل من ذلك الصوت المرعب لطلقات نارية. نحن نعلم أنه أولاً، هناك ببساطة الكثير من البنادق. لا يهم أن توجد في العاصمة قوانين صارمة بشأن الأسلحة، وأن حدودنا مليئة بالثغرات وليس من السهل الوصول إلى الملاحقات القضائية المتعلقة بالأسلحة النارية. ووافق بريان نادو، رئيس الدائرة 1، على ذلك، وقال وقد تعرض لانتقادات بسبب التصويت على خفض ميزانية شرطة العاصمة: «سأستمر في التأكيد على هذا، لا يمكن التسامح مع استمرار توافر الأسلحة النارية، ويجب أن نواصل عملنا لنزع الأسلحة من الشوارع». قال كزاباري، إن الروح المعنوية في القسم متدنية، والصلات بين الشرطة والشعب متوترة.
إنها حلقة من البؤس تبدأ بتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية. لقد عمل كضابط شرطة، لكنه قدر أن 80 بالمئة من واجباته كانت أقرب إلى العمل الاجتماعي. ترى هاريس هذا في الحي أيضاً، إذ تقول: «لقد أدى الوباء إلى زيادة وتفاقم المشكلات التي كانت موجودة من قبل.
هذه الخسائر (الإسكان والوظائف، على سبيل المثال) تخلق اليأس ومشاعر الغضب العميق والاستياء واليأس العام». هذه المشكلة الأميركية، والتي تتعلق بمشاهدة وتوقع واستمرارية عنف السلاح، معقدة. قال كزاباري، إن الأمر يتعلق بالأحلام المؤجلة، وصدمات الأجيال، والأمراض العقلية، «نتيجة الفشل في الأساس».
بيتولا دفوراك*
*كاتبة لدى «واشنطن بوست» حول القضايا المحلية الأميركية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»