الحرية المقلوبة.. ماذا بعد؟!
لقد كان الاستقرار وما يزال هو سر تماسك أي مجتمع ونجاحه في مواجهة جميع الأزمات، الصغيرة منها والكبيرة على حد سواء. لكن بعض الرسائل الموجهة للمجتمع تُفهم أحياناً بشكل خاطئ ويساءُ استخدامُها كحجة، فرسالة التسامح لا تعني السماح لفئة صغيرة من الناس بالتظاهر ضد كل ما لا يعجبها في البلد.
ولا يعني تمكين المرأة واحترام حقوقها أن تتخلى عن دورها الأساسي كأم وكزوجة، ثم تدَّعي أنه بإمكانها الحياة من دون زوج ولا أطفال ولا أسرة! ولا يعني الانفتاح أن تقدم تنازلات أخلاقية، وتسمح للانحراف أن يكون جزءاً من الثقافة السائدة. ولا يعني منحُ مساحة من الحرية السماحَ بتحويلها ضد المجتمع وقيمه واستقراره. منذ عشرات السنين والدولةُ تحتضن كل الجنسيات وتحترم ثقافتَها، لكنه احترامٌ يقابله احترامُ الدولة وقوانينها التي شَرعت لتحقيق الأمن والسكينة والرخاء للجميع.
ولا يمكن لتمكين المرأة أن يكون وسيلةً ضد وجودها الحقيقي ودورها الأهم، أي لكي لا تكون الابنة البارة والزوجة القادرة على إنجاح حياتها الأسرية. لم تتعرض المرأة في تاريخ الإمارات لأي نوع من الاضطهاد أو انتزاع الحقوق، بل تميزت الإمارات بأن احترام المرأة كان ولا يزال سائداً فيها على الدوام، ولا نكاد نجد حالة تقول عكس ذلك.
وحالات الطلاق اليوم لا تعكس ظاهرة، بل تكشف سوء فهم فردي ونوعاً من تداخل الأدوار أربكته بعض الظواهر المستجدة على المجتمع. وليس من المنطق أن نسبةً مجهرية لا تكاد تذكر تريد إظهار انحرافها وإشهاره، وتعتبر أن من حقها إعلان ذلك وأنه على المجتمع قبوله منها وإقرارها فيه! حتى في أبسط أبجديات الديمقراطية لا تطلب القلةُ من الكَثرة أن تذعن لرغباتها، ولا يمكن تبني أفكار متناقضة ثم الادعاء بعد ذلك أنها تمثل الحرية والتحرر! إنها حرية ناقصة، بل بالأحرى حرية مقلوبة .
الأغلبية هي صاحبة الحق، والكفاءة هي المعيار الفاصل في قرارات إسناد الوظائف. ويبدو أنه بات من الضرورة بمكان أن نعيد توجيه الرسالة بشكل أكثر تحديداً ووضوحاً، وعلى نحو غير قابل للتأويل أو ادعاء عكس المعنى المقصود.. من أجل حماية نسيج المجتمع، وتحديد أدوار أفراده، ضمن خط اجتماعي يحترم هوية المكان وثقافته. أماني محمد العمران
* *كاتبة إماراتية