محمد بن زايد: قائد الإصلاح الفكري بامتياز
سيكتب التاريخ ويسجل المؤرخون أن لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – حفظه الله- الخطوة الأولى والأهم في فضح أجندات جماعات «الإسلام السياسي» المدمرة. كانت حقاً مواجهة قوية ومباشرة وصريحة لتيار «الإخوان المسلمين» وخطابات «الإسلام السياسي» لتنظيمات تحاول استغلال عواطف الناس الدينية لتحقيق مآرب سياسية مدمرة ومفتتة للأوطان.
وكانت المنطقة كلها بحاجة لمن يقرع الجرس بجرأة للكشف عن خطر داهم يهدد أمن واستقرار الأوطان. وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد عراب ذلك النهج الذي أنقذ البلاد والمنطقة من شر كان قاب قوسين أو أدنى.
هذه المواجهة لم تكن أمنية وإعلامية فقط بل، وهذه خطوة سابقة ونوعية، كانت مواجهة فكرية حقيقية كشفت زيف شعارات «الإخوان» ومن لف في محيطهم، ممن ضللوا شباب الأمة بأفكار واهية خيالية قائمة على أكاذيب ومبالغات أوهمت عدداً كبيراً من شباب المنطقة بأن ما يسمونه «دولة الخلافة» قادمة لا محالة وأن فيها ومعها كل الحلول لأزمات «الأمة» مجتمعة. كان الهدف الخفي هو إسقاط الدولة الوطنية لخدمة مشاريع مدمرة تبين لاحقاً أن خلفها مؤسسات وقوى عالمية.
وليس من باب المجاملة أو المبالغة القول إن المنطقة كلها مدينة لهذا القائد الفذ، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، بالفضل في وأد الفتنة في مهدها وكشف خطر تلك الجماعات للناس في الداخل، أولاً، ثم للعالم كله! وفي سياق المواجهة الفكرية للأفكار المتطرفة، جاءت مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد وفق منهجية قائمة على «مأسسة» الجهود عبر حزمة مهمة من المشاريع من أجل استدامتها وضمان تأثيرها.
قدمت أبوظبي مجموعة مبادرات ومشاريع فكرية ضخمة تخدم العالم الإسلامي بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص، بل خدمت دولاً كثيرة حول العالم، خارج العالم الإسلامي ممن كانت تعاني مشاكل وتوترات مستمرة بينها وبين الأقليات المسلمة في تلك البلدان ممن – للأسف – استغلتها جماعات الإسلام السياسي لتوظيفها أدوات لخلق فتن وقلاقل في بلدانها. تلك الممارسات عززت الخوف من المسلمين في تلك المجتمعات ذات الأغلبية غير المسلمة، مما أثر سلباً على غالبية المسلمين المعتدلين في تلك البلدان.
ففيما كان العالمان الإسلامي والعربي (ودول كثيرة في آسيا وأفريقيا) يواجهان أخطاراً محدقة على أمنها وسلمها كانت دولة الإمارات تؤسس لتلك المشاريع الجادة لمواجهة تلك الأخطار، خصوصاً في ظل استغلال منظمات «الإسلام السياسي» لبعض الظروف السياسية والاقتصادية القاسية التي مرت بها عدد من دول المنطقة من أجل تفتيت الصف وتأجيج نيران الحروب الأهلية والانقسامات الطائفية.
ومن جديد، يحسب لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد – حفظه الله – أنه كان يقف وراء تأسيس تلك المشاريع النوعية الهادفة لحماية أمن المنطقة من شرور جماعات التطرف والغلو والتكفير وغيرها من جماعات «الإسلام السياسي» التي أوهمت الغرب بـ «اعتدالها» عبر خطابها الناعم المتناغم مع سذاجة البعض هناك عند الحديث عن «الديمقراطية» و«حقوق الإنسان»، لغة تدغدغ مشاعر البعض في المؤسسات الغربية، لكنها تناقض المخفي من فكر وسلوك تلك الجماعات الدينية الخطرة.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد قارئاً ذكياً لما بين سطور خطابات تلك الجماعات، مثلما كان متابعاً نشطاً لتحركاتها على كل الجبهات. اليوم تحتضن العاصمة أبوظبي عدداً مهماً من المؤسسات البحثية الفاعلة، التي تقدم مشاريع بحثية ومؤتمرات متخصصة تعزز التوجه نحو التسامح والحوار والتعايش بين أبناء الدين الواحد وبين أبناء الأديان الأخرى، إيماناً بأننا نعيش اليوم في عصر تداخلت فيه المصالح وتشابكت فيه العلاقات الإنسانية. ولهذا كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد راعياً ومتابعاً لكل تلك الفعاليات والمؤسسات والمبادرات مثل مشروع (البيت الإبراهيمي) و(منتدى أبوظبي لتعزيز السلم) و(مجلس حكماء المسلمين) و(المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة) و(جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية) و(وثيقة الأخوة الإنسانية) والكثير من المؤتمرات والجهود الفكرية والإعلامية الهادفة لأنسنة الأفكار وحماية شباب الأمة من مشاريع ومنظمات وأفكار التطرف المدمرة.
إنها جهود جبارة لا بد أن تؤتي ثمارها المباركة وإنْ بعد حين. جهود مهمة وجريئة لم يكن لها أن تحقق حضورها الفاعل في المجتمعات العربية والإسلامية لولا اهتمام وعناية ومتابعة قائد الإصلاح الفكري الأول في منطقتنا، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حفظه الله، جهود مبهرة بكل المقاييس ستُسهم في المستقبل القريب بإذن الله في سحب البساط من تحت أقدام جماعات الفكر المتطرف وإعادته لمؤسسات الاعتدال وفكر التعايش، وستُعيد ثقة الشاب المسلم في دينه بعد أن شوهته تنظيمات ومشاريع وإرهاب الجماعات المتطرفة وأصحاب المشاريع السياسية المدمرة.
*كاتب وإعلامي إماراتي