التطعيمات: السلاح الأكثر فعالية لدى الطب الحديث
أظهر وباء كوفيد-19 الأهمية الفائقة للتطعيمات، كونها السلاح الأكثر فعالية وكفاءة في ترسانة الطب الحديث في مواجهة أوبئة الأمراض المعدية. فرغم أن فيروس كوفيد-19 تمكن خلال العامين الماضيين من قتل أكثر من 6 ملايين شخص، إلا أن هذا العدد كان ليبلغ أضعافا مضاعفة، وربما هدد الجنس البشري بالفناء، لولا نجاح الأطباء والعلماء في تطوير تطعيمات فعالة الواحد تلو الآخر، في غضون شهور قليلة، وبالاعتماد على تقنيات بيولوجية متباينة. فتطعيمي مودرنا وفايزر مثلا، اعتمدا على تكنولوجيا الحمض النووي الرسولي، أما التطعيم الروسي فاعتمد على فيروسين يسببان نزلات البرد الشائعة، تم تحميلهما بالجينات الوراثية المسؤولة عن إنتاج النتوءات أو الأشواك الموجودة على سطح الفيروس، بينما اعتمد تطعيم أوكسفورد على دمج جينات من فيروس كورونا داخل فيروس آخر يعمل كحامل أو كناقل. هذا الإنجاز الصحي الدولي الفريد، والناتج عن تعاون علمي دولي مكثف، هو محور فعاليات الأسبوع العالمي للتطعيمات (World Vaccination Week)، والذي يحتفى به كل عام في الأسبوع الأخير من أبريل.
وتهدف هذه الفعالية الصحية السنوية، إلى زيادة الوعي بأهمية التطعيمات، وتوفير الإرشاد والدعم الفني لحكومات الدول لتمكينها من تنفيذ برامج التحصين الوطنية وفق أعلى المعايير العالمية، سعيا نحو تحقيق هدف حماية الأفراد والمجتمعات والشعوب في دول العالم قاطبة، ضد الأمراض الممكن الوقاية منها بالتطعيمات.
وتعتبر التطعيمات الطبية بالفعل من أكبر إنجازات الطب الحديث، إن لم تكن أعظمها على الإطلاق، كون التطعيمات توفر حالياً الحماية والوقاية لمليارات البشر، ضد أمراض معدية، لطالما حصدت أرواح الملايين عبر مراحل التاريخ المختلفة.
ويُقدر حالياً أن التطعيمات توفر الوقاية ضد 25 مرضاً معديا، بداية من سنوات الطفولة وحتى المراحل المتقدمة من العمر، مثل الدفتيريا، والحصبة، والسعال الديكي، وشلل الأطفال، والتيتانوس، كما تُقدر منظمة الصحة العالمية، أن برامج التطعيمات الدولية والوطنية، تنقذ سنوياً حياة قرابة الثلاثة ملايين طفل.
ويذكر أن دولة الإمارات والتحالف العالمي للقاحات والتحصينات (Global Alliance for Vaccines and Immunization)، والمعروف اختصارا بتحالف «جافي» طالما كانا شريكين قويين على مدى سنوات، حيث تعاونا سوياً في دعم الجهود العالمية للقضاء على عدة أمراض مثل دودة غينيا وشلل الأطفال، كما دعما العديد من أنظمة الرعاية الصحية في أرجاء العالم.
وكانت الإمارات من أوائل المانحين الذين دعموا مبادرة «إنفيوز» لتحسين وصول اللقاحات إلى الدول الأكثر احتياجاً، كما استضافت مؤتمر التحالف العالمي للقاحات في ديسمبر 2018، حيث تم حينها استعراض التقدم المحرز، ودراسة التحديات القائمة، ومراجعة الإجراءات الهادفة لزيادة فرص الحصول على التحصينات واللقاحات في الدول الأكثر فقرا، بما يسهم في تعزيز الصحة العامة للعديد من الشعوب والمجتمعات.
* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.