من المرجح أن يضع عام 2022 الحزبين في اختبارات صعبة. وإليكم التحديات الثلاثة التي سيواجهها كل حزب في العام الجديد. وبالنسبة لـ«الديمقراطيين»، تقع المسؤولية على عاتق الرئيس جو بايدن في اجتياز هذه التحديات الثلاثة.
- كبح التضخم. الارتفاع المتواصل للأسعار يضر بالاقتصاد والمزاج القومي. ويتدخل في مؤشرات الأسعار التي تضر بقرارات الاستثمار، وبميزانيات الأسر إذا لم تواكب الأجور ارتفاع الأسعار. ويدمر الروح القومية أيضاً مما يؤدي لتصاعد السلبية وفقدان الأمل. والرؤساء الذين يتولون القيادة في فترات التضخم المرتفع، مثل هاري ترومان وجيمي كارتر، يخسرون، لا محالة، سواء في انتخابات التجديد النصفي كما في حالة ترومان عام 1946 أو في إعادة الانتخاب كما في حالة كارتر عام 1980. وفي مصلحة بايدن والبلاد أن يخضع الرئيس التضخم للسيطرة ويخفضه بحلول منتصف العام.
- وضع استراتيجية دفاعية قومية عالمية جديدة في مواجهة الاستفزازات. فهذا المحور الأوراسي(الصين وروسيا وإيران) اكتسب قوة على مدار العام وتتزايد احتمالات أن يوجه ضربة. ولا يهدد بقاء الولايات المتحدة أي من أهدافهم التي تبدو آنية مثل فرض السيطرة على أوكرانيا، لكن الشيء نفسه يمكن قوله عن قرار رئيس الوزراء البريطاني السابق نيفيل تشامبرلين الخاص بالسماح لألمانيا النازية بضم منطقة سودتنلاند في تشيكوسلوفاكيا عام 1938، وهو أدى حتماً إلى الحرب العالمية الثانية بعد ذلك بعام. ولن يجدي نفعاً إلا وضع استراتيجية عالمية جديدة شبيهة بخطط الاحتواء في الحرب الباردة، تستطيع كبح الصراع وتمنع من الابتعاد المتواصل لحلفاء الولايات المتحدة عنها.
- التحول من حالة الجائحة إلى حالة المرض المتوطن. الناس سيخضعون فحسب لقيود الحكومة لفترة طويلة. والأميركيون يمنحون عادةً زعماءهم عامين لإدارة التحديات، وبعد ذلك يخيب أملهم إذا لم يشهدوا تقدماً أو لم يشعروا بالأمل يتسرب إلى نفوسهم. ونحن نقترب سريعاً من الذكرى السنوية الثانية للجائحة. وإذا ظللنا في دورة لا تنتهي فيما يبدو من البؤس واليأس بحلول منتصف العام الثالث، سيدفع الديمقراطيون ثمناً باهظاً في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.
ومن المؤكد أن «الجمهوريين» ينظرون إلى هذه التحديات ويعتقدون أن مستقبلهم مشرق. لكن هذا لا يعني خلوهم من التحديات. يجب أن يتذكروا دروس فترة ما بين 2010 و2012 ويتأكدوا ألا يكرروا الأخطاء نفسها. وعلى سبيل المثال:
- يجب التحلي بالمعقولية. في عام 2010، فاز «جمهوريون» متطرفون، وطائشون عادة، من حزب الشاي، مثل كريستين أودونل، بالانتخابات التمهيدية في الحزب للترشيح لمقاعد مجلس الشيوخ، لكن في الانتخابات العام لحقت بهم هزائم نكراء. وتكرار حدوث هذا محتمل، مثل أن يفوز متحمسون لشعار «لنجعل أميركا عظيمة من جديد»- مثل كاري ليك، مرشحة الحزب الجمهوري لمنصب حاكم ولاية أريزونا- بالانتخابات التمهيدية في بعض الولايات المحورية المتأرجحة بين الحزبين. لكن يتعين على الزعماء التدخل مبكراً في هذه السباقات ومحاولة التأكد من أن الحزب يمثله محافظون أقرب شبها بحاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، ولا يشبهون شارون انجيل، مرشحة الحزب «الجمهوري» في مجلس الشيوخ التي خسرت السباق عام 2010.
- التأكد من أن الولايات التي يقودها «الجمهوريون» تحظى بحكم جيد. وهذا يعني تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والإنفاق العام وبين حماية الصحة العامة وسلامة وحقوق الفرد. وكلما استطاع حكام ولايات «جمهوريون»، مثل ديسانتيس وجريج آبوت في تكساس وكيم رينولدز من آيوا، تحقيق هذا، كلما اتضح تمايز الحزب«الجمهوري» عن «الديمقراطيين»، إذا لم يستطع بايدن إدارة دفة السفينة على النحو الصحيح.
- يجب تذكر أن الحزب «الجمهوري» استمتع بموجة نجاح عالية في انتخابات التجديد النصفي عام 2010، لكن بعد عامين فحسب فشل في الفوز بالبيت الأبيض. ويجب تذكر أن سبب حدوث هذا يرجع في جانب كبير منه إلى الرضا عن النفس. فقد اعتبر زعماء الحزب النصر مؤكداً، واعتقدوا أنهم ليسوا بحاجة إلى الدفع بمرشح له رؤية بديلة قوية. بل رشحوا ميت رومني، أضعف المرشحين في الساحة، فيما يشبه كثيراً اختيار الحزب «الجمهوري» توماس ديوي عام 1948 وبوب دول عام 1996. في كل هذه السباقات، لم يقدم زعيم الحزب أفكاراً جديدة، واعتمد في الأساس على عدم الرضا عن شاغل منصب الرئيس. ويجب على زعماء الحزب أن يتعلموا من هذه الإخفاقات، ويدعموا حواراً داخلياً في الحزب لوضع قائمة أولويات جديدة تستجيب لمشكلات جديدة في عصرنا. لقد حاول الجمهوريون من قبل إلحاق الهزيمة بشيء دون الاعتماد على شيء، ويجب عليهم أن يعتمدوا هذه المرة على إطفاء نار رؤية ما بنار رؤية أخرى.
وطريقة تعامل الحزبين مع هذه القضايا في العام الجديد ستحدد مكانتهم ومدى تحسنها أو تدهورها ليس في نهاية 2022 فحسب، بل في السنوات التالية أيضاً. دعونا نتمسك بأمل مقدرتهما على التصدي للتحديات.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»