عادة ما أحرص على الاحتفاظ بالمفاتيح الخاصة بي معي دائماً. لكن بعد سلسلة من المشاكل الصغيرة، نسيت مفاتيحي الأسبوع الماضي ولم أتمكن من دخول شقتي. كان الوقت بعد منتصف الليل، لذلك اضطررت إلى الاتصال بمصلح الأقفال الذي يعمل على مدار الساعة، وأخبرني أنه سيأتي في غضون نصف ساعة تقريباً. أمضيت تلك الدقائق في حالة من الذعر بشأن التكلفة. كنت في أمّس الحاجة لهذه الخدمة كي أتمكن من دخول بيتي. ونظراً للوقت المتأخر، يمكن لمصلح الأقفال أن يطلب أي مبلغ من المال. على أي حال، فإن قوى العرض والطلب هي التي تحدد الأسعار. كان لدي طلب قوي، أو ما نسميه نحن الاقتصاديين «طلب غير مرن»، ألا وهو الرغبة في دخول منزلي، وهناك عرض محدود من مصلحي الأقفال الذين يعملون على مدار الساعة. لذا فقد كان لديه كل القوة.
وبينما كنت أنتظر، أدركت أنني أتمتع ببعض السيطرة. فإذا طلب سعراً فلكياً يمكنني أن أرفض وأمضي الليلة في فندق والعثور على مصلح أقفال أقل سعراً خلال ساعات العمل العادية عندما تكون لدي قوة سوقية أكبر. وقمت بحساب تكلفة الفندق، وقيمة الراحة التي سأشعر بها عند دخول منزلي في تلك الليلة، وتكلفة إصلاح القفل خلال النهار. إذا طلب صانع الأقفال سعراً أعلى من هذا الرقم فسأرفض.
لحسن الحظ، طلب صانع الأقفال سعراً مرتفعاً، ولكن ليس مبالغاً فيه، وهو أقل من تكلفة الفندق. واتضح أن طلبي لم يكن غير مرن للغاية وأنه كان يدرك ذلك، أو ربما لم يكن يريد استغلال الموقف والاستفادة منه. توضح هذه التجربة كيف تطورت قوة التسعير، كما تقدم بعض الأفكار حول كيف يمكن أن تنتهي نوبة التضخم الأخيرة هذه بشكل مختلف عن ذي قبل.
لقد مررنا جميعاً بظروف مشابهة. ومرت أوقات كنا فيها بأمّس الحاجة إلى شيء ما بينما كان المعروض منه محدوداً. وهذا يحدث كثيراً في الآونة الأخيرة. فولاية نيويورك، حيث أعيش، وولايات أخرى، لديها قوانين لمكافحة التلاعب تهدف إلى منع العملاء من التعرض للاستغلال، وهي قوانين يفترض أن تحمي المستهلكين.
في كثير من الأحيان، تكون الأسعار المرتفعة هي ما يمنع النقص أويؤدي إلى ظهور الأسواق السرية (السوداء) لإتاحة أسعار أخرى. خلال الأيام الأولى من الجائحة، عملت بعض الشركات الصغيرة بجهد إضافي لشراء مستلزمات الحماية الشخصية وتم فرض غرامات عليها لفرض أسعار أعلى. في المرة القادمة قد لا تهتم بذلك، وهذا يعني تقليل توفير مستلزمات الوقاية الشخصية للجميع.
لقد مرت حالة الطوارئ هذه، وأصبحت مستلزمات الوقاية الشخصية متوفرة بكثرة الآن. لكن المستهلكين يواجهون تحدياً جديداً: اقتصاد يعاني من حالات نقص أخرى وارتفاع الأسعار الذي لم يعتد عليه معظمنا. عادة، تتمثل إحدى تكاليف التضخم في حالة عدم اليقين التي يسببها، مما يعني قيام البائعين بزيادة الأسعار ولا أحد يعرف ما إذا كان هذا سعراً جديداً سارياً أم مجرد فرصة لرفعه. وعلى غرار ما حدث في السبعينيات، نسمع العديد من الاتهامات بأن التجار يرفعون الأسعار لمجرد الاستفادة من المستهلكين في وقت مثير للارتباك.
لكن العالم تغير الآن، وأصبح من الصعب الإفلات من التلاعب بالأسعار. لقد أصبحت لدي قوة أكبر مما كنت أتمتع به قبل 20 عاماً لأنني أستطيع مراجعة أسعار الفنادق على هاتفي. لقد أصبحنا جميعاً، نحن المستهلكين، أكثر تمكيناً. إذا ذهبتَ إلى متجر «تارجت» ورأيت سعراً مرتفعاً لأحدث لعبة لهذا الموسم، يمكنك التحقق من السعر على موقع أمازون ومعرفة ما إذا كان البائعون الآخرون لديهم هذه اللعبة وبأي سعر يبيعونها. يمكنك أيضاً استخدام التطبيقات لمقارنة أسعار البنزين في منطقتك، مما يساعد في تعويض بعض الزيادات.
هذه الأساليب التكنولوجية هي أحد أسباب وجود ضغوط انكماشية في العقود القليلة الماضية. ربما كان التضخم الذي نشهده حالياً سيصبح أعلى من ذلك من دون قدرتنا على مقارنة الأسعار في المتاجر المختلفة. وهذا يعني أيضاً أن التضخم اليوم من غير المرجح أن يعكس التلاعب، وقد لا يصل إلى المستويات المرتفعة التي شهدناها في الماضي.
الآن، لا يمكننا التسوق فحسب، بل لدينا أيضاً إمكانية أكبر لاختيار بدائل. على سبيل المثال، قامت سيدة من نيويورك بحجز سيارة من شركة هيرتز، لكن الشركة لم تلتزم بالاتفاق. وكانت السيدة في موقف صعب، حيث كان يتعين عليها الذهاب إلى غرب نيويورك للاحتفال بعيد الشكر، وكانت تكلفة السيارة الوحيدة المعروضة 1800 دولار. كان أمامها خيارات. حتى لو لم تكن هناك سيارات في نيويورك، فربما بإمكانها استئجار سيارة أوبر أو تاكسي لنقلها إلى وجهتها في شمال الولاية مقابل حوالي 1000 دولار، ثم استئجار سيارة هناك بسعر أرخص. لا يزال الخيار مكلفاً، لكن ربما يكون أرخص من عرض شركة هيرتز.
الكيفية التي يجد بها المستهلكون بدائل عندما يرتفع سعر سلعة واحدة هو جزء مهم من قياس وديناميكيات التضخم. وقد تكون المشكلة أقل اليوم لأن التكنولوجيا تجعل من السهل العثور على بدائل قريبة.
ويعد النقص في المعروض وارتفاع الأسعار تجربة جديدة بالنسبة للعديد من الأميركيين. ولا تزال هناك مواقف نواجه فيها طلباً غير مرن، لكن هذا بات يحدث في عدد أقل من السلع.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»