مفكرو الإمارات.. أنتم الأولوية قبل كل شيء
أين الأكاديمي والمفكر الإماراتي، لماذا لا نرى الأكاديميين الإماراتيين المتخصصين على شاشاتنا المحلية والدولية، أين إسهامات المفكر الإماراتي وحضوره الفعال في المجتمع، أليس حريّ بنا أن نرى خبراءنا ومفكرينا في وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من الهواة؟ جُل هذه الأسئلة أو لعلها جميعها ربما تناهت إلى مسامع من يقرأ سطور هذا المقال مثلما عادت من جديد تتردد على مسامعي بعد شرف التكليف الذي نلته من قيادتنا الرشيدة لإكمال المسيرة الزاخرة لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، التي بدأها معالي الدكتور جمال سند السويدي، وله منا جميعاً كل الشكر والتقدير.
وسط ذلك السيل من الأسئلة المشروعة والتي تنم عن حرص المجتمع على أن يكون للأكاديمي والمفكر الإماراتي دوره المجتمعي، تتبادر أسئلة أخرى، تتمثل في: هل لدينا شح وندرة في وجود مفكرين وأكاديميين إماراتيين، هل الناتج الفكري لهم قليل أم الوصول إليه هو المعضلة، هل المؤسسات الوطنية أو الإعلامية في غنى عن المفكر والأكاديمي الإماراتي؟ كلا وحاشا، أن يكون هناك شح في كوادرنا الإماراتية الأكاديمية والمفكرة، وهي في وطن جُبل على قيادة حكيمة تدرك قيمة العلم منذ القائد المؤسس، طيب الله ثراه، وحتى يومنا هذا، وتأخذنا إلى الخمسين سنة القادمة وما بعدها. قيادة همها الأول والأخير بناء الإنسان الإماراتي.
تزخر دولة الإمارات وتفاخر مؤسساتها بمساهماتها في الوصول بالعديد من كوادرها إلى تراكم من الخبرات العملية والعلمية ولديهم حصيلة من الإنتاج الفكري والبحثي. لن أقول هنا أين الأكاديمي والمفكر الإماراتي؟
بل أين تأثير الأكاديمي والمفكر الإماراتي ومساهماته المجتمعية بما ينعكس إيجاباً في خدمة الوطن والخطط الحكومية الواعدة؟ مؤسسات إعلامية تتواصل مع مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تطلب متخصصين إماراتيين، إما في الشأن السياسي أو الاقتصادي أو غيره سواء من المركز أو اقتراح أسماء أخرى للمشاركة. «نحن نعاني عدم قدرة على الوصول إلى هؤلاء»، لسان حالهم يقول الحال ذاته مع تواصل عددٍ من المؤسسات الوطنية معنا لترشيح أسماء إماراتية متخصصة للمشاركة في فعالياتهم سواء مؤتمرات أو ندوات. «نفتقر لقاعدة بيانات وطنية للأكاديميين والمفكرين الإماراتيين»، لسان حالهم أيضاً يقول.
مما تقدم نصل إلى هذه النتيجة:
1- الإمارات تزخر بحصيلة نفاخر بها من الأكاديميين والخبراء.
2- المؤسسات الإعلامية والمؤسسات الحكومية تعاني إشكالية الوصول إلى المتخصصين ليشاركوا في فعالياتهم وبرامجهم والاستعانة بهم للقيام بمشاريع بحثية.
3- المجتمع يتوق لمشاركة الأكاديميين وتفعيل دورهم لتعزيز ثقافة المواطن وتعزيز معارفه وتحصينه من المغالطات والأفكار الخاطئة.
4- الناتج الفكري الإماراتي يحتاج لدعمه وزيادة حصيلته وإبرازه، بما يخدم الوطن والخطط الحكومية عبر بحوث استشرافية بتوصيات ومقترحات.
إننا في حاجة لمشروع معزز ومكمل لغيره من المشاريع البناءة، إننا في حاجة إلى مشروع «مفكرو الإمارات»، كان ذلك لسان حال فريق العمل في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. مفكرو الإمارات إذن الموافقة على المشروع، بل والثناء عليه جاءا سريعاً من سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
هذا الاهتمام يعطينا دلالة واضحة على استمرار قيادتنا الرشيدة في بناء الإنسان الإماراتي، وتعزيز قدراته بما يخدم الوطن وتطلعاته المستقبلية. لا شك في أنها دفعة قوية للمضي قُدماً نحو هذا المشروع، وما هي إلا أيام معدودة حتى وجد هذا المشروع دفعة جديدة من الدعم والتأييد. جامعة الإمارات، جامعة زايد، جامعة خليفة وكليات التقنية، ترحب بل ونتشرف بحضور رفيع المستوى من مدرائها.
لم يكن حضوراً شرفياً، بل استمر في جميع الجلسات التي عُقدت في مركز الإمارات للوصول بمشروع «مفكرو الإمارات» إلى ما وصل إليه. إن ذلك الحماس الذي كان يتوقد طوال سنة كاملة من الإعداد لمشروع «مفكرو الإمارات» ولا يزال من قبل النخبة المفكرة من الأكاديميين الذين شاركوا في جلسات الإعداد لهذا المشروع والخروج بلجانه ورؤيته وأهدافه، كان له عظيم الأثر، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأكاديمي والمفكر الإماراتي على أتم الاستعداد تجاه مسؤوليته المجتمعية وخدمة وطنه عبر استمطار فكره، بما يساهم في تعزيز مدركات المجتمع، وصونه من المغالطات، ووضع البحوث الاستشرافية بما يخدم الخطط الحكومية المستقبلية. شكراً لكم من القلب شكراً، سيظل هذا المشروع جزءاً منكم وإليكم، ونحن على يقين أن هذا المشروع سيحظى بترحيب ودعم مختلف المؤسسات التعليمية والإعلامية وبقية المؤسسات الوطنية، وسيساهم إثراء المحتوى الثقافي والإعلامي والمعرفي في الدولة جنباً إلى جنب مع المساهمات الأخرى.
شكراً لقيادتنا الرشيدة على دعمها المستمر لبناء الإنسان الإماراتي، فالمتمعن للمبادئ العشرة للخمسينية القادمة يدرك أنها تصب في نهاية المطاف في رفعة هذا الوطن ومن يعيش عليه. قد يكون للمسؤول فكرة ما أو مبادرة معينة، غير أن تحقيقها والوصول بها إلى النتائج المرجوة لن يتحقق سوى بفريق عمل ناجح، ومن هنا امتناني وتقديري لمدير مشروع «مفكرو الإمارات» الدكتورة ابتسام علي الطنيجي وفريق عملها على جهدهم المتواصل، وجميع فرق العمل في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.
«مفكرو الإمارات» من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية نعاود القول ونؤكد، أنتم الأولوية وحين نقول الأولوية فأنتم الأولوية قبل كل شيء.
*مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.