«ناسا».. بعثات علمية لمواجهة الكويكبات الخطيرة
يحظى رواد الفضاء الذين يسافرون مرة أخرى من قاعدة كيب كانافيرال بالكثير من الاهتمام. وكذلك الحال بالنسبة للمشاهير ورجال الأعمال الأثرياء الذين قاموا بدفع الملايين للانضمام إلى الرحلات الجوية شبه المدارية التي تلمس حافة الفضاء.
لكن لا تنسى الروبوتات. إنهم يمضون عاماً تاريخياً أيضاً. تستعد وكالة «ناسا» للشروع في مهمة أخرى رائدة - هذه المهمة التي تهدف في النهاية لإنقاذ الأرض من كويكب قاتل عن طريق اختبار ما إذا كانت المركبة الفضائية يمكنها دفع جرم سماوي بطريقة تجعلها قادرة على تغيير مداره. إنها فقط المهمة الأحدث ضمن سلسلة من المهام المبرمجة خلال هذا العام، مثل: مركبة جوالة تبحث عن علامات للحياة على المريخ، وطائرة هليكوبتر صغيرة تستمر في التحليق عبر سماء الكوكب الأحمر، وإمكانية إطلاق أقوى تلسكوب على الإطلاق إلى الفضاء، قادر على النظر إلى الوراء لرؤية الأيام الأولى للكون.
ومن المقرر أن يشهد الإطلاق، الذي سيتم في الساعة 10:21 مساء بتوقيت المحيط الهادئ -1:21 صباح الأربعاء 8 ديسمبر بتوقيت الساحل الشرقي، انطلاق صاروخ «سبيس إكس فالكون 9» من قاعدة فاندنبرج الجوية في كاليفورنيا. وسيحمل الصاروخ على طرفه مركبة فضائية بحجم الثلاجة تطير لمسافة 6.7 مليون ميل، وتطارد كويكباً صغيراً بحجم ملعب كرة القدم قبل الانطلاق بشكل انتحاري بسرعة 15 ألف ميل في الساعة، على الأرجح في سبتمبر القادم.
إذا سار كل شيء كما هو مخطط له، فإن التأثير سيبطئ الكويكب بجزء من المليمتر في الثانية. يأمل العلماء أن يكون ذلك كافياً لأن يغير مسار الكويكب بشكل كبير بمرور الوقت في اتساع الفضاء.
لا يشكل ديمورفوس، الكويكب الموجود في مرمى ناسا، أي خطر على الأرض. ولكن تم اختياره كهدف لما يسمى بمهمة «دارت» (التي تعني اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوج) من قبل أعضاء فريق النخبة التابع لوكالة «ناسا» المعروف باسم (مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي) -الذي لا تتمثل مهمته في استكشاف الفضاء، بل الدفاع عن الأرض.
وصرح توماس زوربوشن، المدير المساعد لمديرية المهمات العلمية بوكالة ناسا، للصحفيين أول أمس الاثنين بأنه «أول اختبار للدفاع الكوكبي. ما نحاول أن نتعلمه هو كيفية صد التهديد الذي قد يأتي».
هناك الكثير من الصخور التي تندفع عبر الفضاء، وهي كبيرة بما يكفي للنجاة من الغرق الناري عبر الغلاف الجوي للأرض. وتبذل «ناسا» قصارى جهدها لتتبعها، لكن وفقاً لتقديرها، فإنها تعرف فقط حوالي 40% من الكويكبات التي يمكن أن تُشكل خطراً أنها تعمل على إضافة المزيد من الصخور الفضائية إلى الكتالوج الخاص بها، وفي الوقت نفسه، تحاول معرفة كيفية التأكد من عدم اصطدام أي منها بالأرض.
على عكس الكوارث الطبيعية الأخرى، مثل الأعاصير أو الزلازل، يمكن للبشر، كما تقول «ناسا»، أن يفعلوا شيئاً حيال الكويكبات القاتلة.
في مقابلة معه، قال مدير ناسا، بيل نيلسون، إن اصطدام كويكب يمكن أن يكون له عواقب وخيمة، حتى أنه يهدد قدرة البشر على العيش على الأرض. وأضاف: «نحن نعلم أن كويكباً يبلغ عرضه ستة أميال يضرب ما يعرف اليوم بشبه جزيرة يوكاتان هو الذي قضى على الكثير من مظاهر الحياة على الأرض، بما في ذلك الديناصورات».
تأتي مهمة إعادة التوجيه في أعقاب برنامج وصل العام الماضي إلى كويكب آخر قريب من الأرض. فبعد دراسة كويكب «بينو» لمدة عامين تقريباً، التقطت مركبة فضائية عينة من السطح بذراع آلية وهي الآن في طريقها إلى الأرض. ستكون هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها «ناسا» على عينة من كويكب، والتي يمكن أن تلقي الضوء على الكيفية التي تشكل بها الكون.
هذا الأسبوع، احتفلت ناسا أيضاً بالرحلة السادسة عشرة لمروحية إنجينويتي (مروحية روبوتية من دون طيار)، وهي مروحية تزن أربعة أرطال والتي حلقت بأول رحلة تعمل بالطاقة لطائرة على كوكب آخر في وقت سابق من هذا العام، فيما وصفته ناسا بأنه «لحظة الأخوين رايت». وعلى الرغم من أنه كان من المفترض أن تطير بضع مرات فقط، إلا أن المروحية استمرت في العمل، مما أسعد مهندسي ناسا.
قال نيلسون إنه كان «مندهشاً للغاية» وفخوراً «بهذه المروحية الصغيرة التي لم نكن نعلم أنها ستطير في جو يمثل 1% من الغلاف الجوي للأرض».
جاءت هذه الأحداث عندما كان رواد فضاء «ناسا» ينطلقون بانتظام من أرض الولايات المتحدة لأول مرة منذ تقاعد مكوك الفضاء في عام 2011. وانضمت إليهم سلسلة من الرحلات السياحية شبه المدارية من شركة «فيرجين جالاكتيك» التي يمتلكها ريتشارد برانسون وشركة بلو أوريجين، التي يمتلكها جيف بيزوس، والتي أعلنت يوم الثلاثاء أنها ستضيف مايكل ستراهان، وهو شخصية تلفزيونية، إلى صفوف ركاب الفضاء في ديسمبر.
وقال زوربوشن: «إنني متحمس للغاية لكل النجاحات التي حققتها في مجال رحلات الفضاء البشرية». وأشار إلى أن ناسا قد هبطت بمركبة الفضاء بريزيرفانس على سطح المريخ، وهي تستعد ليس فقط لإعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر، ولكن إرسال سلسلة من المركبات الفضائية الروبوتية هناك. وبحلول نهاية عام 2023، تعتزم إرسال أول مهمة روبوتية متنقلة إلى هناك لتحليل الجليد في القطب الجنوبي للقمر لمساعدة وكالة ناسا في إنشاء خرائط للمورد.
ووفقاً لناسا، فإنه من المقرر أيضاً إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي، والذي سيتمركز على بعد حوالي مليون ميل من الأرض و«استكشاف كل مرحلة من مراحل تاريخ الكون -من داخل نظامنا الشمسي، إلى أبعد المجرات التي يمكن ملاحظتها في الكون المبكر، وكل شيء بينهما.
بعد سنوات من التأخير، كان من المقرر إطلاق التلسكوب على (صاروخ آريان 5) من جزيرة جيانا الفرنسية في 18 ديسمبر. لكن ناسا أخرت تلك الرحلة حتى 22 ديسمبر على الأقل بعد إطلاق مفاجئ وغير مخطط له لفرقة لتثبيت التلسكوب في مكانه داخل مخروط مقدمة الصاروخ. وقالت وكالة الفضاء الأميركية في بيان إن ناسا تحقق الآن للتأكد من أن الحادث لم يتسبب في إتلاف أي مكونات.
وقال زوربوشن إنهم يتخذون كل الاحتياطات لضمان سلامة التلسكوب الذي تبلغ قيمته 10 مليارات دولار قبل إطلاقه، وأعرب عن أمله في «أن نكون في حالة جيدة في غضون أيام قليلة».
كريستيان دافنبورت
كاتب أميركي متخصص في شؤون وكالة «ناسا» وصناعة الفضاء
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»