حتى تاريخ كتابة هذا المقال، أصاب فيروس «كوفيد-19» أكثر من 220 مليون شخص، توفي منهم قرابة الخمسة ملايين، على حسب أقل التقديرات، حيث يرى البعض أن عدد الإصابات والوفيات يفوق الأرقام الرسمية بمقدار الضعف تقريباً. ومن بين هؤلاء، يقدر أن ما بين 80 ألفاً و180 ألفاً، أي بمتوسط 130 ألفاً، كانوا من العاملين في قطاع الرعاية الصحية، بمختلف بقاع الأرض. هذا العدد من الضحايا من أفراد الطاقم الطبي، تم حسابه حتى نهاية شهر مايو الماضي، عندما كانت الأرقام الرسمية للوفيات على المستوى العالمي لم تبلغ بعد 4 ملايين. وبالتالي، وبحساب أن عدد الوفيات على الصعيد العالمي قد بلغ 5 ملايين حالياً، أي بزيادة قدرها 20%، يمكن التقدير أن عدد الضحايا من العاملين في قطاع الرعاية الصحية قد ازداد هو الآخر ليصل إلى 96 ألفاً على حسب أقل التقديرات، أو 216 ألفاً حسب أعلى التقديرات.
وأتت هذه الضربة الموجعة لنظم الرعاية الصحية، في وقت تعاني فيه جميع دول العالم تقريباً، الغني منها والفقير على حد سواء، من نقص وشح في عدد الممرضات والقابلات، يقدر بتسعة ملايين ممرضة وقابلة. وحسب تقرير صدر سابقاً عن مرصد الصحة العالمية، يتوفر أقل من ثلاث ممرضات لكل ألف من السكان في نصف دول العالم، بل في ربع الدول ينخفض المتوفر من الممرضات إلى مجرد واحدة لكل ألف من السكان.
هذا الوضع برمته، والذي فاقمه «كوفيد-19»، أدى لتعالي الأصوات المطالبة بضرورة تفعيل الإجراءات واتخاذ التدابير الكفيلة بحماية العاملين في قطاع الرعاية الصحية من الفيروس الحالي، ومن باقي المخاطر الصحية التي يتعرضون لها خلال عملهم. وأتت تلك المطالبات ليس فقط كنتيجة للزيادة المطردة في أعداد الضحايا من أفراد الطواقم الطبية، بل أيضاً نتيجة تزايد القلق من تراجع كفاءة وفعالية هؤلاء الأفراد، بسبب الإرهاق البدني والنفسي، الناتجين عن القلق الشديد والتوتر المزمن، والضغوط النفسية والمهنية غير المسبوقة.
وهو ما دفع مؤخراً بمجموعة كبيرة من المؤسسات والمنظمات الدولية الناشطة في مجال الرعاية الصحية الدولية، إلى مطالبة دول وحكومات العالم بضرورة دعم وتقوية نظم المراقبة والإبلاغ عن حالات العدوى والوفيات بين العاملين في قطاع الرعاية الصحية جراء فيروس «كوفيد-19»، مع ضرورة تصنيف هذه الحالات تلقائياً حسب السن، والنوع الاجتماعي، والمهنة، حتى يتمكن العلماء وواضعو السياسات، من تحديد الإجراءات الكفيلة بتخفيف وقع الوباء على أفراد الطاقم الطبي، وخفض حالات العدوى والوفيات بين أفراد خط الدفاع الأول أمام الوباء الحالي.
كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية