نفط العراق.. و«التنافس» الدولي
مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية تجاوزت 80 دولاراً للبرميل، وينتظر أن ترتفع إلى 85 دولاراً (بنك مورغان ستانلي) وإلى90 دولاراً (بنك غولدمان ساكس).. تنفس العراقيون الصعداء، إذ إن فرق السعر في موازنة العام الحالي البالغة 90 مليار دولار، سيتجاوز العجز المالي المقدر بنحو 20 مليار دولار، على أساس تسعير للبرميل بـ45 دولاراً. وبذلك تتحول الموازنة من العجز إلى الفائض، مع العلم بأن العراق يعتمد على صادراته النفطية، لتأمين أكثر من 90% من إيراداته.
وما يطمئن العراقيين، مع قيام حكومة بغداد بإعداد موازنة العام 2022، أن وزير النفط إحسان عبد الجبار توقّع أن تحاول «أوبك» مع حلفائها الإبقاء على سعر البرميل عند 70 دولاراً في الربع الأول من العام القادم. وفي إطار خطة لإنعاش الاقتصاد، وجذب استثمارات عربية وأجنبية لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار المقدر تكلفتها بنحو 100 مليار دولار، يسعى العراق إلى تطوير خططه الاستثمارية في النفط والغاز والطاقة الكهربائية، ويستهدف رفع إنتاج النفط على مرحلتين؛ الأولى إلى 6 ملايين برميل يومياً بعد عام 2023، والثانية إلى 8 ملايين برميل يومياً بنهاية عام 2027. وقد وقّع عقوداً مع الشركات لحفر131 بئراً نفطية جديدة.
وتعمل حالياً في العراق نحو17 شركة استثمارية عالمية من جنسيات مختلفة على تطوير الحقول النفطية المنتجة والمستكشفة، وذلك بموجب عقود تمت في جولات التراخيص الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وهي ملزمة باستثمار أموالها لرفع القدرة الإنتاجية، على أن تقوم الحكومة بدفع ما نسبته 50% من الأموال المصروفة سنوياً، تضاف إليها أرباح بمعدل 1.5 دولار عن كل برميل إضافي. وفي ضوء تطور علاقاته الدولية، خصوصاً بعد نجاح مؤتمر «قمة بغداد للتعاون والشراكة» الذي انعقد في الثامن من أغسطس الماضي، يشهد العراق حركة استثمارية كبيرة، وتسابقاً إلى حدود المنافسة بين الدول الكبرى لمضاعفة حصتها في المشاريع المطروحة؛ الأمر الذي يعكس مدى قدرة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في توظيف علاقاته مع القيادات الإقليمية والدولية.
وإضافة إلى اتفاقات عقدها العراق مع شركات ألمانية وصينية، فقد وافق مؤخراً على خطط عملاق النفط البريطاني «بريتش بتروليوم»، باستثمارها في حقل الرميلة الذي ينتج 1.5 مليون برميل يومياً. وكذلك الاستثمارات الأميركية، حيث أطلقت وزارة النفط مشروع استثمار الغاز في حقل الناصرية مع شركة «بيكو هيوز»، وهناك شركة «شيفرون» التي حظيت باتفاق يشمل إنتاج النفط والغاز في محافظة ذي قار، وشركة «هانيويل» التي تسهم بشكل كبير في تطوير البُنى التحتية، وشركة «بيكاريوس» المتخصصة في الخدمات النفطية.
أما الاستثمارات الفرنسية فقد توّجها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد حضوره مؤتمر بغداد بتوقيع اتفاق بين الحكومة العراقية وشركة «توتال»، يشمل 4 مشاريع بقيمة 27 مليار دولار لإنتاج النفط والغاز، وبعائد إجمالي من الأرباح يصل 95 مليار دولار خلال مدة العقد. وبما أن العراق بحاجة إلى أن يوازي بين عمليتي الإنتاج والتسويق، فهو يتطلع إلى إعادة تشغيل خط أنابيب تصدير النفط عبر الأراضي السعودية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، والذي أغلق عام 1990 بعد الغزو العراقي للكويت، ومشروع خط أنابيب بين مدينتي البصرة العراقية والعقبة الأردنية، والذي وقّع البلدان اتفاقية تنفيذه عام 2013، لكنه تأخّر بسبب الأوضاع الأمنية. وقد تم الاتفاق مؤخراً على تسريع خطوات التنفيذ.
*كاتب متخصص في القضايا الاقتصادية