إذا كانت هناك قصة كبيرة وخطيرة تتطلب أن توفر لها وسائل الإعلام السياق التاريخي وتتجنب اللوم الحزبي، فهي قصة سقوط أفغانستان في أيدي «طالبان».ولكن، ما وجدناه في الأيام القليلة الماضية كان نوعاً مألوفاً للغاية من تغطية تدور حول «الرابحين والخاسرين».
وهي تغطية تميل إلى إبراز وتضخيم الآراء حول الأخبار ومناقشة الوضع الذي ما زال يتطور. كان الدليل على هذه التغطية التي تنقصها الدقة وتتسم بالمبالغة واضحاً في جميع المؤسسات الإخبارية خلال عطلة نهاية الأسبوع وعبر الطيف السياسي. يقول العنوان الرئيسي لعمود «ميراندا ديفين» في نيويورك بوست: «هزيمة جو بايدن في أفغانستان سيتردد صداها إلى الأبد».
إنها تنتقد بايدن بشدة، وتشير بإعجاب إلى العمل الرائع الذي قام به الرئيس السابق دونالد ترامب (يبدو أن لديه فرصة، أليس كذلك؟) ها هو: الخاسر والفائز إلى الأبد. في صحيفة «أتلانتيك» الأكثر ميلاً لليسار، يقول عنوان لتحليل كتبه «جورج باكر»: «ستكون خيانة بايدن للأفغان في دائرة الخزي».
وعلى موقع «اكسيوس» الإخباري الرقمي قرأنا: «نادراً ما كانت تنبؤات الرئيس الأميركي خاطئة وسريعة ومقنعة مثل بايدن بشأن أفغانستان». وكان العنوان الرئيس في الصفحة الأولى لجريدة «بافالو نيوز» أكثر تحفظاً: «انهيار أفغانستان يمكن أن يترك وصمة عار لا تمحى على إرث بايدن». الحقيقة أكثر تعقيداً من ذلك، وبمجرد أن يتخطى القارئ العناوين الرئيسية، فإن هذه التغطية، بما في ذلك تغطية «بيكر»، تعكس ذلك.
ولكن بالنسبة للجمهور الأميركي الذي يتجاهل إلى حد كبير الأخبار الدولية الجادة إلا أن تكون أزمة حقيقية، فإن هذه ستكون العبرة المستمرة. الوضع مأساوي بلا شك، وصور سيطرة «طالبان» على كابول يوم الأحد لا تُنسي، لكن يجب أن يُوزع اللوم بشكل متساوٍ. تبوأ بايدن منصبه لما يزيد قليلاً عن سبعة أشهر، ولعقود، كانت الحرب الأفغانية –التي لم يكن من الممكن الدفاع عنها دائماً ونهايتها المروعة المؤكدة –بمثابة كارثة تقاسمها «الجمهوري» جورج دبليو بوش، ومن بعده «الديمقراطي» أوباما ثم «الجمهوري» ترامب.
وطوال الوقت، كانت الحكومة الأميركية تكذب على الشعب الأميركي بشأن مدى جودة سير الأمور في أطول حرب خاضتها أميركا، كما أوضح مشروع «أوراق أفغانستان» الذي نشرته «واشنطن بوست» في 2019: «فشل كبار المسؤولين الأميركيين في قول الحقيقة بشأن الحرب في أفغانستان طوال الحملة التي استمرت 18 عاماً، وكانوا يصدرون تصريحات وردية كانوا يعرفون أنها خاطئة وأخفوا أدلة لا لبس فيها على أن الحرب أصبحت لا يمكن الفوز فيها». وكل ما يكشف عنه المشروع، بالطبع، حدث قبل انتخاب بايدن بفترة طويلة. فهل تعاملت إدارة بايدن مع النهاية بشكل سيء؟ نعم، وهذا ما يجدر الإشارة إليه بلا هوادة. كتب ديفيد سانجر في نيويورك تايمز: «حتى العديد من حلفاء بايدن الذين يعتقدون أنه اتخذ القرار الصائب بالخروج أخيراً من حرب لم يكن للولايات المتحدة الفوز فيها، ولم تعد في مصلحتها الوطنية اعترفوا بارتكاب سلسلة من الأخطاء الجسيمة في تنفيذ عملية الانسحاب». هذا أمر منصف.
لكن ما هو غير منصف هو توبيخ النقاد، كما حدث مع «أوجست بفلوجر»، عضو الكونجرس «الجمهوري»، والمحارب القديم في القوات الجوية، والذي يصف «عقيدة بايدن» بأنها «لا تسمع شراً، ولا ترى شراً، ولا تمنع شراً». يمكنك أن تعزي ذلك إلى الحزبية المطلقة. تلك الحرب التي كلفت البلاد تريليونات الدولارات على مدى عقدين من الزمن، وأودت بحياة الآلاف، وكان مصيرها الفشل منذ البداية هي الخطأ الوحيد للرئيس كان أنه هو الذي وضع حداً لها! * كاتبة أميركية متخصصة في شؤون الإعلام
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»