قام رئيس الاستخبارات المركزية وليام بيرنز بزيارة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية في 9 أغسطس الجاري، والتقى عدداً من المسؤولين الاسرائيليين على رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، ورئيس الموساد الجديد «ديدي برنيع» ورئيس مجلس الأمن القومي «ايال حولتا».
والتقى «بيرتز» على الجانب الفلسطيني مع الرئيس محمود عباس، ورئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وعدداً من قيادات السلطة، وتم بحث ملفين رئيسين في الزيارة: الملف الإيراني في إسرائيل، وملف استئناف الاتصالات الفلسطينية الإسرائيلية بدعم أميركي في رام الله.
الواضح من نتائج الزيارة أن الاستخبارات المركزية تسعي للعب دور سياسي ومراقب في التعامل مع تطورات الملف الإيراني الإسرائيلي، والتعامل مع المخاطر التي يطرحها الجانب الإسرائيلي من الخطر الإيراني، حيث تخلص الاستخبارات المركزية تقييماتها السياسية والاستراتيجية في أن هناك اتفاقاً بين المستويين السياسي والعسكري حول استخدام كافة الوسائل لذلك، سواء بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول أوروبية، لاحتواء هذه المخاطر، والتخطيط لتشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات تعمل وفق قرار مجلس الأمن، وتشارك فيها 33 دولة، وتمارس دور أعمال الرقابة، وفحص السفن المشبوهة وإيقافها، وذلك بهدف ضمان التجارة البحرية الشرعية دون التعرض للتهديدات البحرية الراهنة، وحيث يمكن لهذه القوة - كما ترى الاستخبارات المركزية- أن تعمل تحت مظلة التحالف البحري المواجه، أو من خلال مظلة أميركية بريطانية يتم الاتفاق بشأنها مع توسيع نطاق التعامل مع الأسطول السادس الأميركي.
وفلسطينياً تعمل الاستخبارات المركزية على التحرك في اتجاهين الأول: إقناع السلطة الفلسطينية بالانتقال من التعامل الأمني والاستراتيجي إلى السياسي التفاوضي مع تشجيع خطوة استئناف الاتصالات الرسمية بين الوزراء الفلسطينيين ونظرائهم على الجانب الإسرائيلي، وهو ما تم بالفعل في إطار سلسلة من الاتصالات المتخصصة في مجال الاقتصاد والاستثمار والمتحصلات، وغيرها في إشارة إلى التجاوب الثنائي مع الجانبين مع تقديم وعود أطلقها رئيس الاستخبارات المركزية «ويليام بيرنز» في الزيارة بدعم أميركي لافت للسلطة ومؤسساتها في مواجهة ما يجري من تحديات تتطلب التعامل معها بجدية مقابل العمل على مواجهة تصاعد مد الفصائل الفلسطينية في القطاع.
الثاني: تجاه الحكومة الإسرائيلية وإقناعها بأن المشهد الفلسطيني الراهن قد ينفجر في أي لحظة نتيجة لجملة من التقييمات الاستخباراتية، ومنها احتمالات انهيار سلطة الرئيس محمود عباس نتيجة للضغوط الكبيرة في رام الله، وأزمة الحكم، والتي تمثلت في إلغاء حدث الانتخابات الفلسطينية، وتصاعد شعبية حركة «حماس» في الضفة، مع وجود تقييمات محكمة مرتبطة بوضع الحكومة الإسرائيلية ذاتها، واستمرارها وعدم السماح بتفكك ائتلافها، وفي إشارة إلى أن الحكومة ستمضي في مهامها، الأمر الذي يتطلب العمل على المساربن التكتيكي والإستراتيجي مع التأكيد على أن إدارة الرئيس جو بايدن جادة فيما تطرحه من خطوات للبدء في استئناف المفاوضات رسمياً بين الطرفين. والخلاصة أن الاستخبارات المركزية سيكون لها دور تفاعلي ومباشر يتجاوز دورها التقليدي في الملفين الإيراني والفلسطيني من الآن فصاعداً.
*أكاديمي متخصص في الشؤون الاستراتيجية والعلوم السياسية