على امتداد مسار طويل لجائحة كوفيد-19، كان من بين الحقائق المطمئنة أن احتمالات إصابة الأطفال بالفيروس منخفضة للغاية. ولسوء الحظ، لم يعن هذا أنهم لم يعانوا. الواقع أن الأبحاث التي أجريت على إغلاق المدارس بسبب الجائحة تشير إلى أن الضرر الذي كابده الأطفال قد يستمر طوال حياتهم. فقد توصل تقرير نشرته شركة «مكينزي آند كو»، للاستشارات الإدارية التي حللت بيانات 1.6 مليون طفل في مرحلة المدرسة الابتدائية في الولايات المتحدة، إلى أن الأطفال في المتوسط تخلفوا خمسة أشهر في الرياضيات وأربعة أشهر في القراءة.
والأطفال الأشد تضرراً كانوا من الأحياء منخفضة الدخل وكانت غالبيتهم من ذوي الأصول الأفريقية واللاتينية. وحذر كاتبو التقرير من أن هذا «التعليم غير المكتمل» قد يعرقل التقدم الأكاديمي في المستقبل ويقلص الأجور «في فترة الرشد».
واكتشفوا أيضاً مستويات مرتفعة من القلق والاكتئاب. ومعظم الآباء لن تدهشهم هذه النتائج. فقد شاهدوا أولادهم وهم يجدون صعوبة في التعلم عبر الإنترنت أو تتزايد عزلتهم دون التفاعل الاجتماعي الحيوي الذي يقدمه التعليم بالحضور في المدرسة.
وكان التعليم عن بُعد، بالنسبة لكثيرين، كارثة بطيئة الإيقاع. وإعادة الأطفال إلى المدرسة يتعين أن يكون أولوية المجتمع على اتساعه. ويتعين علينا إنهاء صفحة السنة الدراسية الماضية التي عرقلت وأبطأت فيها نقابات كثيرة إعادة فتح المدارس. ولا يتحمل الأطفال الأميركيون تكرار هذه الحلقة الضارة، ومن الضروري أن يساهم المدرسون في تصدر الطريق.
والأنباء السارة هي أن الأغلبية العظمى من المدرسين تلقوا لقاحات، وفقاً لبيانات الاتحاد القومي للتعليم والبيت الأبيض. وليس هناك مجالات مهنية أخرى تستطيع التباهي بمثل هذا المعدل الكبير من تلقي اللقاحات. فقد حظي المعلمون بأولوية في الحصول على اللقاحات في كثير من المناطق. ومعظم المعلمين تحلوا بحسن التقدير والشعور بالمسؤولية المهنية ولذا حصلوا على جرعات اللقاح. والبلاد ستكون في حال أفضل بكثير إذا اتبع المزيد من المعلمين هذا النموذج.
وتفكر بعض الولايات حالياً في فرض إعطاء اللقاحات للمدرسين وهو ما يقد يصل بالمعدل إلى 100%. وهي نتيجة ستكون جيدة للمدرسين والتلاميذ. كما أعلنت «راندي وينجارتن»، رئيسة الاتحاد الأميركي للمعلمين أن الاتحاد الذي عارض من قبل فرض اللقاحات، يؤيد الآن فرض تلقي اللقاحات وهو تغير محل ترحيب تستحق «وينجارتن» الإشادة عليه.
وفي الوقت نفسه يصيب الاتحاد الأميركي للمعلمين في معارضة مساعي المجالس التشريعية في الولايات التي تستهدف منع الإدارات المحلية من فرض ارتداء الكمامات في المدارس. ومحاولة منع المدارس من اتخاذ إجراءات سلامة أمر مثير للغضب، وممارسة سياسية في أكثر درجاتها تهوراً، كما أنها ممارسة قد تتمخض عن وفيات. فمع توصية المراكز الأميركية للتحكم في الأمراض والوقاية منها بوضع الكمامات في الأماكن المغلقة التي تكون فيها معدلات العدوى مرتفعة، يتعين على السلطات القضائية المحلية المرونة بشأن الإلزام بارتداء الكمامات في مواقف معينة.
وتتمتع أيضاً هذه الإدارات المحلية بكم وافر من المال لتنفيذ إجراءات تخفيف القيود مثل تحسين أنظمة التهوية أو إقامة برامج اختبارات، مع الأخذ في الاعتبار أن معظم الولايات لم تنفق بعد كل أموال إعانة المدارس التي أغدقها الكونجرس عليها في العامين الماضيين.
إننا نتقدم نحو عام دراسي جديد بعد أن أثبتت اللقاحات فعاليتها الهائلة ضد المرض الشديد وفي تقليص الوفيات مع اقتراب معدل الحصول على اللقاحات بين المعلمين من 100%. والمعرفة المستقاة من دراسة تلو الأخرى تشير إلى أن انتقال العدوى في الفصول الدراسية نادر الحدوث، وهو أمر أكدته أيضاً مراكز التحكم في الأمراض والوقاية منها. وبعبارة أخرى، انتهى وقت تمحل الأعذار.
وبعد إعلان الاتحاد الأميركي للمعلمين قبل أسبوعين أن الاتحاد «سيحاول فتح المدارس» أدركت وينجارتن أنها لم تحسن التعبير لأن مجرد المحاولة ليس كافياً. ثم قبل أسبوع، أعلنت وينجارتن أنها «ملتزمة 1000% بإعادة المعلمين والتلاميذ إلى المدارس». وهذا جيد، والآن نحتاج إلى أن تحذو قيادات النقابة هذا الحذو.
وبعد الضرر المروع الذي ألحقه التعليم عن بُعد بالأطفال الأميركيين، هناك رسالة يتعين أن يتردد صداها من البيت الأبيض إلى وزارة التعليم وصولاً إلى كل المستويات الإقليمية وهي: افتحوا المدارس خمسة أيام في الأسبوع ولا استثناءات.
*مؤسس «بلومبيرج» ومبعوث الأمم المتحدة الخاص لطموح وحلول المناخ.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»