عندما تم شحن كمبيوتر آبل II الشخصي في عام 1987، كان معه دليل مفصل لتحديث وإصلاح الجهاز. كانت قطع الغيار متاحة بسهولة من شركة آبل (ولاحقاً الشركات المصنعة الأخرى)، وإذا لم يكن مالكو آبل يرغبون في إصلاح أو تحديث الأجهزة في المنزل، كان بإمكانهم العثور على الكثير من شركات الإصلاح الصغيرة التنافسية للقيام بالعمل نيابة عنها. كان ذلك في حينه، لكن في هذه الأيام، تصل منتجات آبل مغلقة بإحكام، غالباً بمسامير خاصة. ويتم الاحتفاظ بدليل الخدمة وجدول الدورة الكهربائية وقطع الإصلاح لفنيي شركة آبل والمتاجر وعدد قليل من الشركات «المعتمدة».
ومع عدم إمكانية الوصول إلى قطع الغيار أو كتيبات كيفية الاستخدام أو ورش الإصلاح المستقلة، يدفع المستهلكون أكثر بكثير للحفاظ على أجهزتهم. بيد أن الأمر التنفيذي الجديد الذي أصدره الرئيس جو بايدن لتعزيز المنافسة يشجع لجنة التجارة الفيدرالية على إنهاء احتكارات الإصلاح المناهضة للمنافسة. إنها خطوة مثيرة للجدل. تقول شركة آبل وغيرها من مصنعي المنتجات التكنولوجية الأخرى من الجرارات الزراعية إلى الكاميرات مقاس 35 مم، بأن احتكارات الإصلاح الخاصة بهم مفيدة للمستهلكين.
لكن مع نمو هذه الاحتكارات، ازداد تأثيرها على المستهلكين والبيئة والإنتاجية الأميركية والابتكار. ويمكن أن يساعد اعتراف بايدن بـ«الحق في الإصلاح» في خفض هذه التكاليف، وفي الوقت نفسه تحفيز أنواع جديدة من النمو عبر الاقتصاد. لطالما كان الإصلاح جزءاً من الحياة الأميركية؛ فلم يكن أمام مزارعي البراري الأوائل خيار سوى إصلاح عرباتهم ومحاريثهم. وعندما ظهرت الميكنة، أصبح المزارعون فنيين خبراء ومن المهارة لدرجة أن الشركات كثيراً ما كانت تستشيرهم بشأن تصميمات الجرارات.
وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، عندما تم دمج أجهزة الكمبيوتر في معدات زراعية باهظة الثمن، انهارت هذه العلاقة. وتأكد العدد القليل المتبقي من الشركات المصنعة للمعدات أن الوكلاء فقط، الذين لديهم أدوات برمجية متخصصة، يمكنهم تشخيص المشكلات. وغالباً ما تكون هناك حاجة أيضاً إلى هذه الأدوات نفسها لتثبيت الأجزاء وترخيص القيام بالإصلاحات. وقد تكون التكاليف التي يتحملها المزارعون كبيرة. قد يكلف الدفع إلى شركة «جون ديري» المتخصصة في تصنيع المعدات الزراعية مئات الدولارات لتوصيل جهاز كمبيوتر لإلغاء رمز خطأ على جرار، ولا يشمل ذلك نقل الجرار إلى وكيل البيع.
والأسوأ من ذلك، من خلال تقييد الوصول إلى أدوات التشخيص والإصلاح الضرورية، أن المصنعين يتسببون في حدوث تأخيرات كبيرة أثناء الحصاد والزراعة والفترات المزدحمة الأخرى. وفي أوقات معينة يمكن أن تكلف قطعة من المعدات المعطلة عن العمل لبضع ساعات المُزارع آلاف الدولارات. وبينما يخسر المزارعون أموالا، تحقق الشركات المصنعة للمعدات الزراعية التي تعمل في مجال قطع الغيار والخدمات أرباحاً كبيرة. خلال الفترة من 2013 إلى 2019، انخفضت مبيعات شركة جون ديري السنوية من المعدات الجديدة بنسبة 19% لتصل إلى 23.7 مليار دولار، بينما ارتفعت مبيعات قطع الغيار بنسبة 22% لتصل إلى 6.7 مليار دولار. ولم تكن شركات تصنيع آلات الحصاد هي الوحيدة التي اكتشفت سوقاً نامية نتيجة تقييد إمكانية إصلاح المعدات. في عام 2019، أقر تيم كوك من شركة آبل بأن استبدال بطارية آيفون منخفضة التكلفة قد أثر سلبا على مبيعات آيفون الجديدة. ومن ناحية أخرى، تدفع الإصلاحاتُ الأكثر تكلفةً العملاءَ إلى الاعتقاد بأنهم قد يشترون هاتفاً جديداً أيضاً. وهذا أمر سيئ لمشتري هواتف آبل الجديدة باهظة الثمن، وأكثر سوءاً بالنسبة للمستهلكين ذوي الدخل المنخفض الذين يعتمدون على الأجهزة المستعملة. ويؤدي عدم وجود منافسة في أسواق الإصلاح إلى زيادة تكلفة امتلاك الأجهزة القديمة، وفي النهاية يسرّع التخلص منها في وقت مبكر.
ركزت الدعوات الأولى للتراجع عن القيود التي تفرضها الشركة المصنعة على الإصلاح، في أوائل عام 2010، على السيارات. لكن المشكلة تشمل الآن كل شيء من الهواتف إلى المعدات الزراعية. منذ عام 2014، نظرت 32 ولاية فيما يسمى بتشريعات الإصلاح العادل. وفي وقت سابق من هذا العام، أصبح المجلس التشريعي في نيويورك أول من يمرر أحد هذه التشريعات. لكن الشركات المصنعة ضغطت بشدة لإلغاء مثل هذا التشريع، ففي عام 2017، حذّرت شركة آبل المشرعين في ولاية نبراسكا من أن الإصلاح العادل «سيجعل من السهل جداً على القراصنة (المخترقين) الانتقال إلى نبراسكا».
وحذرت مجموعة «تك نت» التجارية، وتضم شركات آبل وأمازون وجوجل، العديد من الولايات من أن تشريع الإصلاح العادل سيعرض بطريقة ما سلامة الأجهزة للخطر. ولم تقتنع الحكومة الفيدرالية بهذه الحجج. وفي مايو الماضي، ذكرت لجنة التجارة الفيدرالية أن «العديد من التوضيحات التي قدمتها الشركات المصنعة لقيود الإصلاح ليست صحيحة».
والآن، يشجع الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن لجنة التجارة الفيدرالية على «الحد من قيام الشركات القوية المصنعة للمعدات بتقييد قدرة الناس على استخدام ورش الإصلاح المستقلة على إصلاح الأشياء». إنه مطلب متواضع، خاصة في بلد يحترم الاعتماد على الذات. في وقت سابق من هذا الأسبوع، أيد ستيف وزيناك، مؤسس شركة آبل، علناً الحق في الإصلاح.
* كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»