مروعة هي صور أعمال الشغب التي تمزق جنوب أفريقيا. ففي الأيام القليلة الماضية، ظهرت صور لامرأة في مبنى متعدد الطوابق تلتهمه النيران وهي تلقي بطفلها من أعلى إلى جمع الناس في أسفل أملاً في إنقاذ حياته.
وجنوب أفريقيا بلد عانى لفترة طويلة من صراع اقتصادي وعدم مساواة مذهلة وعنف لا يمكن احتماله وعداوة عرقية مازالت كامنة في كل جدل قومي. لكن حتى هذا الوقت لم تطرأ على ذهني فكرة حدوث انهيار مفاجئ للبلاد. فقد اتضح في التسليم السلمي للسلطة بلا دماء من الحكم العنصري، ورغم المشكلات، أن هناك استقراراً اجتماعياً أساسياً يربط المجتمع الجنوب أفريقي اعتقدت أنه قد يصمد. لكن هناك شيئاً محورياً قد ضاع فيما يبدو. وفيروس كورونا ربما وجه ضربة لجنوب أفريقيا لم يستطع مرض الأيدز توجيهها للبلاد ليلقي بها في هوة سحيقة. 

ما يحدث في جنوب أفريقيا مختلف عما يحدث في هايتي التي اغتيل رئيسها في الآونة الأخيرة، أو في كوبا التي نزل فيها آلاف المواطنين إلى الشوارع محتجين على ارتفاع معدلات الفقر وعدم مبالاة الدولة، أو في كولومبيا والبرازيل ولبنان ومناطق أخرى من العالم اندلعت فيها في اضطرابات واحتجاجات في الشهور القليلة الماضية. وهناك خط مشترك واضح يوحي بفشل منهجي وهو أن هناك جائحة تستعصي على الانحسار وتمزق المجتمعات. لقد دمر فيروس كورونا الاقتصاد واستنفد الخدمات الاجتماعية والطبية والأمنية وقلص الثقة وافسح الطريق للعنف المستشري. وفي غياب برامج فاعلة لتوزيع اللقاحات لا يوجد أي مساحة للأمل. 

ويؤكد مسعود أحمد، رئيس «مركز التنمية العالمية» غير الهادف للربح الذي يسعى لتقليص الفقر في الدول النامية، أن «هذه مناطق هشة بها نقاط ضعف كامنة. وهذا ما يتعين أن يثير قلقنا، فمع مرور الشهور سنشهد بلدانا أخرى ستبدأ فيها مستويات الثقة والتسامح تتهاوى». وهذه ليست مشكلتهم وحدهم لأن الفيروس لا يحترم حدوداً. إنها مشكلتنا أيضاً. وعلينا أن نتذكر أن الطريقة التي نعالج بها الجائحة اليوم سيكون لها عواقب على التهديدات العالمية الكثيرة المحتمل حدوثها. فإذا شعر مليارات الناس في الدول متوسطة ومنخفضة الدخل بانقطاع الأمل من الحصول على أي فرصة للتحرر من قبضة الفيروس، فماذا سيحدث في الوقت الذي يتحول فيه العالم بفعل تغير المناخ؟ 

وتراجع الفقر على مستوى العالم على مدار السنوات الأربعين الماضية، لكن تغير المناخ قد يشكل تهديدات شديدة لأفريقيا وجنوب آسيا التي يعيش فيها أفقر سكان العالم. ويحذر البنك الدولي أنه من الصعب للغاية تقليص الفقر المدقع ما لم يحدث تحرك سريع. ووسط الباحثين في مجال التنمية هناك قدر كبير من السجال بشأن فعالية المساعدات الدولية لمعالجة المشكلات الدولية. لكن كما أوضح مسعود أحمد، فإن واجب العالم الغني تجاه العالم النامي واضح تماماً في حالة كوفيد- 19. فما يصلح للتصدي لأكثر الأخطار إهلاكاً في جنوب أفريقيا هو ما يصلح مشكلاتنا أيضاً. إنه برنامج لإعطاء اللقاح على مستوى جماهيري ممول ومنظم جيداً. والمفقود في هذا هو القيادة والعزيمة الدوليين، أي قيام المجتمع الدولي بجهد جاد تقوده الولايات المتحدة لتطهير أي مكان ينتعش فيه الفيروس. 

والحاجة ملحة لأن الفيروس عاد القهقرى بعقود من التقدم في التنمية العالمية. فعدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع ارتفع مئات الملايين العام الماضي وهو أعلى رقم منذ عام 2006 على الأقل. والسلام العالمي تقلص لتاسع عام على التوالي، وهناك زيادة ملحوظة في أعمال الشغب والاحتجاجات العنيفة. العالم يبدو كما لو أنه على حافة هاوية، ولأبعاده عن هذه الحافة يحتاج لمساعدة منّ يقفون على أرض أكثر صلابة. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز» 

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/07/15/opinion/coronavirus-vaccine-south-africa.html