هل تحل السياسة محل الدين؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه «ليندا فيلدمان» في قصة الغلاف الخاصة بها في العدد الأسبوعي من «كريستيان ساينس مونيتو»، وكما قد تتوقع، ليس من السهل الإجابة على السؤال. سأدعك تقرأ قصة ليندا لتكوين استنتاجاتك الخاصة. لكن الموضوع، في اعتقادي، ضروري لفهم التحديات التي تواجه الولايات المتحدة وكيف تتغلب عليها.
اقتبس عمودي الأخير من «جيمس دافيسون هنتر»، الذي مهّد كتابه «حروب الثقافة» الطريقَ لسياسة اليوم، حيث تبدو التسوية بشأن العديد من القضايا مستحيلةً، إن لم تكن غير أخلاقية. وفي مقابلته مع مجلة «بوليتيكو»، أوضح البروفيسور هانتر السبب قائلاً: «أصل كلمة (ثقافة) في اللغة اللاتينية يعني (عبادة). إنها تتعلق بما هو مقدس بالنسبة لنا». وأضاف: «الثقافة، من ناحية، تتعلق بما هو طاهر وما هو ملوث. إنها تتعلق بالحدود التي غالباً ما يتم تجاوزها، وما نفعله حيال ذلك». كانت هذه واحدة من أكثر وظائف الدين البشري انتشاراً عبر التاريخ، لتحديد ما هو نقي وما هو دنس ومن ثم إصدار الحكم. عندما أصبحت الحكومات متشابكة في هذا الاتجاه، كانت النتيجة إراقة الدماء والقمع. الفارق اليوم هو أن كل طرف يرى أن الآخر يستخدم السياسة العلمانية بحماسةِ «كل شيء أو لا شيء». يُنظر إلى الإنجيليين على أنهم يجعلون السياسة دينهم. لكن «توني بيركنز»، رئيس مجلس أبحاث الأسرة، أخبر «ليندا» أن الشيء نفسه ينطبق على الجانب الآخر: «نحن نرد فقط على ما كان اليسار يفعله، أي العبادة عند مذبح السياسة».
ومع ذلك، هناك نموذج ديني مختلف، وظيفة مختلفة قام بها الدين أيضاً على مر القرون وتبدو مختلفة تماماً عن اختبارات نقاء الحروب الثقافية. وقد تحدث عنها «مارتن لوثر كينج» على أنها «المجتمع المحبوب» أو الممارسة الراديكالية للحب كقاعدة صلبة للمجتمع. «الهدف هنا هو المصالحة، والغاية هي الخلاص وخلق المجتمع المحبوب»، بحسب ما قال في خطاب ألقاه عام 1957 بعنوان: «دور الكنيسة في مواجهة المعضلة الأخلاقية الرئيسية للأمة». وأضاف كينج: «إن هذا النوع من الروح، وهذا النوع من الحب هو الذي يمكن أن يحوّل المعارضين إلى أصدقاء. نوع الحب الذي أؤكد عليه هنا.. هو فهم حسن النية لجميع البشر. إنه حب فائض لا ينتظر شيئاً في المقابل. إنها محبة الله التي تعمل في حياة البشر. هذا هو الحب الذي قد يكون الخلاص لحضارتنا». وتتألق هذه الجملة الأخيرة بشدة خاصة اليوم.
منذ فترة، أجريت مقابلة مع «دنكان نيو كومر»، أحد قراء صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»، وهو وزير معين وعضو في فكرة «شبكة أميركا»، التي ترى أن المثل العليا التأسيسية لأميركا هي أعظم نقاط قوتها. قال لي: «يمكن أن نخسر بلدنا إذا فزنا بوجهة نظرنا فقط. لذا، بغض النظر عن مدى حيوية وجهات نظرنا، فنحن بحاجة لتقدير قيمة الأقلية المعارضة التي نأمل هزيمتها وليس القضاء عليها».
من أجل ماذا نكرس حماستنا الدينية، لاختبارات الطهارة أم لبناء المجتمع المحبوب؟ ستعكس سياستنا الإجابة.
مارك سابنفيلد
كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»